بالصدفة البحتة, وأثناء تقليب الصفحات الإلكترونية لجريدة "إيلاف", وفي محاولة لقراءة آخر أخبار مسلسل التحقيق الدولي في قضية تفجير موكب الشهيد رفيق الحريري ورفاقه, ومستجدات التراشق "النيويوركي" بين سيد القصر المعين, ورئيس الوزراء المنتخب, عثرت على نص مذهل لأحد الصحفيين اللبنانيين, منشور في يوليو الماضي, بمناسبة انفجار حصل في شارع مونو في بيروت- ضمن سلسلة الانفجارات الارتدادية بعد الزلزال الكبير في 14 فبراير- ذات ليلة صيف من هذه السنة, وصادف أن كان الصحفي متواجداً في مقهى قرب المكان, ورسم صورة كاريكاتورية مضحكة... موجعة.
هذا الصحفي, في مقاله الذي نشر في صحيفة "الرأي العام" الكويتية أجرى حواراً مع كلب من كلاب الشرطة اللبنانية, تواجد وإياه في نفس مكان وقوع جريمة الانفجار. كان الكاتب مستنداً إلى جدار, حتى يسمح له بالخروج من زاويته, وكان الكلب يحاول شم البقايا المتناثرة من التفجير, عساه يستطيع الوصول إلى الفاعل, قبل أن يتم إخفاء المعالم الدالة على الجريمة... والتي كان الكلب يشكو من أنه كلما اقترب من دليل وجده مغسولاً بالماء, فإذا به لا يشتم سوى مادة الكلور.
تذكرت عند قراءة المقال إحدى الصبايا اللبنانيات, صاحبة نظرية خاصة بموضوع التفجيرات، تعتقد الصبية لا بل تجزم أن كل الحاصل باستثناء تفجير موكب الشهيد رفيق الحريري, إنما يحصل نكاية بأمسيات "البرايم" التي تعرض مباشرة في سهرة الجمعة, أكان ذلك أيام الـ"ستار أكاديمي" أو حالياً في موسم برنامج "الوادي", و"قنبلته" الموقوتة هيفاء وهبي, التي "ضبت" شنطتها قبل أيام وخرجت من بيت "الوادي" باكية شاكية, طالبة من الجمهور حمايتها وتقدير ظروفها النفسية التي تمر بها بعد أن فسخت خطبتها "المقدسة".
ونظرية المؤامرة "البريمية" حسب الصبية, "أن يكون العالم العربي كله مركزاً على قناة بعينها ليلة الجمعة, ليشاهد ما يفرح قلبه, ويبعد عنه الهم والغم المحاصر بهما في كل شؤون حياته – الصبية لا تعتبر أن ما يُسمى فن اليوم يحاصرنا أيضاً بهمه وغمه وسخفه- المعيشية منها والسياسية. ومن يضعون المتفجرات في مختلف أنحاء لبنان إنما يفعلون ذلك ليلة الجمعة لأنهم يريدون للمحطة أن تقطع البث الفرح, وتنقل مشاهد ألسنة النيران وأعداد القتلى والجرحى, لتشويه صورة لبنان أولاً, ومنع الناس في العالم العربي من البهجة ثانياً."
إلى هنا انتهى كلام الصبية. فما هي أوجه الشبه, وما الذي يربط كلب الشرطة اللبنانية الذي حاوره الصحفي سابق الذكر , ببقرة هيفاء في "الوادي"؟
الوجه الأول أن معظم اللبنانيين يشعرون أنهم بحالة اصطفاف على الجدار, وأن هنالك خوفا من أن يكون مصير تحقيق "ميليس", والـ"حقيقة" التي ينتظرون ظهورها فيهتز الكون – كما يتصورون- نفس مصير الكلب المدرب القادر على المساعدة في جمع الأدلة, ومصدر ونوع المتفجرات, لكنه يفشل بسبب "الغسيل" ويجري حوارات صحفية عندما تتحول بقايا الـ"تي إن تي "أو " اليورانيوم" بعد رشها بالماء إلى بقايا من الكلور المضاف.
وما دخل الصبية؟ هنا يظهر الوجه الثاني.
من يدري؟ قد تكون نتيجة التحقيق, و"الحقيقة" بعد "الصفقة السرية" التي فاحت رائحتها, أن الصبية على حق, وأن الفاعل كاره لـ"البرايم", أو لهيفاء أو للاثنين معاً, وأنه يقصد تشويه الوجه"الحضاري" للبنان. رحم الله من استشهد...
مسكين لبنان!