فاجأني مقال الدكتور حسن حنفي "هل هناك موانع للديمقراطية؟"، والمنشور على هذه الصفحات يوم أمس؛ أولا لأن عنوانه هو أحد التساؤلات المكررة والمتجاوزة أيضا، وثانيا لأن السؤال الأساسي في وقتنا الراهن أصبح يتعلق بسبل وشروط إقامة النظام الديمقراطي!
بيد أن حنفي لم يجب على ذلك السؤال، وقد اختاره عنوانا لمقاله، إذ انتهى إلى خلاصة لا علاقة لها بما سبقها، فقال إن "شرط الديمقراطية الأول هو حرية الرأي وتداول السلطة ضد التمديد إلى ما لا نهاية، والعقد والبيعة والاختيار ضد التوريث وضد الانقلاب العسكري الذي سماه القدماء الشوكة"!
وفيما أرى فإن حرية الرأي وتداول السلطة والاختيار الانتخابي الحر... هي أمور لا يمكن أن توجد من فراغ أو تستمر في فراغ كذلك، حيث توضح الدراسات السوسيولوجية والتاريخية التي أجريت في مناطق مختلفة من العالم أن مستوى التطور الديمقراطي يمثل تابعا في متغير أساسي هو البنيات الاجتماعية والثقافية والتي لا تزال تؤدي، في بعض المجتمعات، دورا معيقا لعملية التحول الديمقراطي. فمن العبث أن نفرض الحريات الديمقراطية والنظام الانتخابي في مجتمع تمثل الأمية فيه نسبة 40% مثلا، إذ لا يمكن لغير المتعلمين أن يختاروا اختيارا سياسيا صحيحا، أو يمارسوا حرية التعبير بشكل سليم ومفيد! وفي هذا الإطار لا بد من التأكيد على أن النظم الاجتماعية التي تكون هيكل الكيان الاجتماعي؛ مثل النظام الاقتصادي والنظام السياسي والنظام التربوي والنظام الأسري... تمثل كلا مترابطا يبحث عن انسجامه وتطوره المتساوق بشكل دائم، ومن هنا أقول: لا يمكن استيراد الديمقراطية.
ناظم أحمد- دمشق