تزايدت خطوات التقارب العلني بين باكستان وإسرائيل في الأسابيع الأخيرة بشكل لافت للنظر، فبعد اللقاء الذي أعلن عنه بين وزيري خارجية الجانبين في اسطنبول، جرت لقاءات أخرى بين الوفدين الباكستاني والإسرائيلي أثناء اجتماعات قمة الأمم المتحدة الأخيرة في نيويورك، وقال الرئيس برويز مشرف في كلمته أمام القمة إن "دولة إسرائيل وجدت لتبقى"!
وإذا ما افترضنا أن الاتصالات العلنية سبقتها بوقت طويل لقاءات أخرى سرية أعمق وأشمل، وأن ما هو معلن من علاقات الجانبين يفوقه أهمية ما هو غير معلن، فلأن تركيبة الوضع الباكستاني الداخلي لا تسمح بخطوة كهذه مرة واحدة، إذ قد يكون للتطبيع بين إسلام أباد وتل أبيب تداعيات خطيرة على الرئيس مشرف الذي يواجه معارضة إسلامية قوية!
إلا أن هذه المعارضة وغيرها من أطياف الرأي العام الباكستاني، تدرك مع ذلك دقة المرحلة الراهنة والظروف التي تمر بها باكستان؛ فمتغيرات ما بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001 فرضت على حكومة مشرف خيار السير مع الحرب الأميركية ضد الإرهاب، ومن ثم وضع سائر أوراقه في سلة واشنطن، وبات على باكستان أن تنتظر ما تقدمه لجنة المساعدات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي والتي يسيطر عليها اللوبي اليهودي سيطرة كاملة. وبعد سقوط نظام "طالبان"، تراجعت أهمية الدور الباكستاني في الحرب، وأخذ السخاء الأميركي يجف، ومن ثم كان على الجميع أن يلعب بأهم ورقة رابحة في "سوق القرار الأميركي" ألا وهي ورقة التطبيع. ولم يكن عسيرا على الطرف الباكستاني، وهو يشير بالبنان إلى ما وصل إليه التطبيع العربي وإلى شح المساعدات العربية لباكستان، أن يقنع الكثيرين في بلاده بتلك الخطوة!
خالد أحمد- المنامة