يثير تعرض الولايات المتحدة لعدد قياسي من الأعاصير المدمرة خلال العام الجاري، قلقا متزايدا على مستقبل القوة الاقتصادية الأعظم في العالم، ذلك أن هذه الأعاصير ألحقت خسائر بالاقتصاد بالأميركي قدرت قيمتها بنحو 180 مليار دولار خلال أقل من 10 أشهر، أي أزيد من ضعف تكاليف الحربين الأميركيتين على العراق وأفغانستان معا. ويضاف إلى الخسائر المباشرة، بعض الانعكاسات الأخرى بعيدة المدى متمثلة في بروز النظرة إلى الولايات المتحدة كساحة غير آمنة للاستثمار وحياة الأفراد أيضا، إذ أن مشهد المنشآت الصناعية والنفطية ومقار الشركات الكبرى وهي مهدمة على الأرض في لوزيانا وخليج المكسيك يخلف انطباعا سلبيا لدى كثير من المستثمرين الأميركيين وغير الأميركيين!
وفوق ذلك، فمن شأن الأعاصير المتكررة أن تهز صورة الرئيس جورج دبليو بوش الذي كثيرا ما طاب له أن يصف الولايات المتحدة بأنها قوة عظمى لا تقهر! وقد طلب من المواطنين الأميركيين عقب إعصار كاترينا الأخير ألا يقلقوا مشيرا إلى أن هناك مزيدا من الموارد المالية لمواجهة أية أضرار! لكن إذا ما استمرت الأعاصير فإن الأموال الهائلة قد تعجز عن تعويض الخسائر والأضرار، وحينها سيصبح الحال مقلقا!
لكن لا أحد يستطيع التنبؤ بدقة بالعلاقة بين هذه الكوارث الطبيعية وبين التردي المناخي وسياسات البشر، وما يقال عن دور محتمل للإحماء الحراري العالمي، وهو ما يفرض على الولايات المتحدة ومراكز البحث العلمي فيها إعطاء هذا الأمر عناية خاصة، لأن غضب الطبيعة ألحق بالولايات المتحدة ما عجز أعداؤها عن إلحاقه بها. وها هي تجد نفسها الآن عرضة لخسائر هائلة ومكتوفة الأيدي في "عين العاصفة" وأمام "عدو" لا يمكنها ملاحقته وشن الحروب للثأر منه وتقديمه للعدالة! لكن أليست روابط الأخوة الإنسانية تدعونا إلى التعاطف والتآزر في موقف محنة وشدة كهذا الذي تواجهه أميركا؟!
نادر المؤيد- أبوظبي