لأن المواطن الشاب يئس من حصوله على وظيفة لندرة الشواغر، فكان لابد من تفكير شيطاني لمساعدة هؤلاء الشباب وللبحث معهم عن مخرج ينقذهم من وحش البطالة وشرها المستطير.
بالنظر إلى سوق العمل وعروض الوظائف المشغولة بغير المواطنين، كان صاحب العقل الأريب غير محتاج إلى ذكاء مضاعف للحصول على فهم مكثف لحقيقة متطلبات هذه الوظائف. فالأمر برمته يعتمد على عدة أشياء على الشباب إناثاً وذكور الالتزام بها، وسيحصلون على وظائف تليق بأحلامهم وستقتل فوراً كل متاعبهم.
فعليهم بتغيير "اللوك".. فلم تعد "الكندورة" و"الغترة" تغري أحدا، بل العكس صارت مصدر اتهام وتأجيل، فالجينز الممزق واطي الوسط والتِّي شيرت المبهرج صار أول جواز مرور، ثم الشعر المغمس بالجل المشقر الأطراف، ناهيك عن نظارات الموضة الكبيرة الشفافة العدسة، العاكسة للضوء بخفة واستعراض.
والفتاة لديها نفس الفرصة وأفضل، إن تخلت عن لهجتها ونحت منحنى التعري والتكشف وادعاء أنها من جنسية أخرى غير الإماراتية، وأن الظروف وحدها التي جعلتها مواطنة وكان حلمها ألا تكون ابنة هذا البلد من الأساس، ومن ثم عليها أن تكون زبونة لإحدى العيادات التجميلية بالسليكون خصوصاً، وإضافة بعض البهارات على الشكل الخارجي والمكياج العام.
ولا تهم البتة أي مهارات تتقنها أو أي دورات التحقت بها، أو أي طموح تسعى له، أو أي حب تكنه لوطنها، المهم أن يكون تغيير "اللوك".. منسحباً أيضاً على مضمون الروح والحديث والغنج، وبالتالي تضمن وظيفة محترمة الدخل في أي مكان تحلم به!
أليس الأمر مشيناً؟ أن يضطر الشباب إلى اللجوء إلى تنازلات من هذا النوع لدرء فتنة البطالة، هذه متطلبات السوق مثلما ورد على لسان إحدى الفتيات العاملات في مجال الإعلام والفضائيات!
وإلا ما هو تفسير هذا الجيش من الموظفين المتشابهي الهيئة، العاملين في وظائف كان يجب أن تعطى للمواطن لولا تهمة المحلية والشكل غير المستحب.
وزير العمل عندما قال إن البطالة قنبلة موقوتة لم يأتِ بجديد، ما ينقصنا هو القرار السياسي الجريء والحامل هم هؤلاء الشباب المعطلين عن عطاء يليق بهم وبطموحاتهم الغضة الواعدة.
وحالما يأتي هذا القرار المنتظر كان لابد من انطلاق أفكار من هذا النوع، فلربما كان هناك مخرج من دوائر البطالة النارية الحارقة والمؤثرة سلباً في كل عمليات التنمية الاجتماعية، إذا كانت هناك أجندة مواضيع تهم الدولة. فالبطالة لابد أن تكون الأولى والثانية والثالثة، فالدولة التي في الثلاثين ربيعاً لا زالت أينع من أن تتكون هذه الدوامة بين جنباتها وفرص العمل المتاحة للجميع لابد وأن يكون المواطن الخيار الأول لملء هذه الشواغر.
وعندما نطرح أفكاراً من نوع دعم مشاريع الشباب، فهذا يعني أن تكون هناك مرونة في تطبيق مثل هذه الأفكار، ولجنة لإبداء النصح لهؤلاء الشباب وتوجيههم للمشاريع المضمونة النجاح والتي تحتاجها الدولة فعلاً. فالمشاريع ليست استيراداً وتصديراً، لابد وأن تتسع لتحتل الصناعة مكانة أولية والتي يمكن اعتبارها الرهان الأسرع والأهم في جني النجاح والأرباح.
الأمر غاية في البساطة لو كانت هناك حلول مقترحة بسيطة وسهلة التطبيق.
لكن "لو" تفتح عمل الشيطان، فالأفضل ألا تكون ليبقى الحال من سيئ لأسوأ وربما جاء الاستثناء لينقذ المستحيل من شرك الواقع.