الديمقراطية الانتخابية المتبعة في الدول الغربية، والتي يقول كثيرون إنها أفضل نظام سياسي تمكنت البشرية من التوصل إليه حتى الآن، يمكن أن تواجه مشكلات إجرائية وعملية كثيرة يستعصي معها مواصلة الحياة السياسية على نحو سلس، وسنضرب على ذلك مثلاً بالنتائج التي انتهت إليها الانتخابات الألمانية قبل يومين حيث لم يفز حزب زعيمة المعارضة أنجيلا ميركل سوى بنسبة 35%، في حين فاز حزب منافسها غيرهارد شرودر بنسبة 34%، في حين توزعت النسب الباقية بين الأحزاب الصغيرة. ومعنى هذه النتيجة أنه لا يمكن لأي من الحزبين الكبيرين تشكيل حكومة بمفرده، كما أن الحساسيات الشديدة تمنعهما من تشكيل حكومة ائتلاف أو تعايش، هذا فضلاً عن العوائق الكبيرة التي تجعل الاشتراكيين لا يفضلون أحزاب اليمين الصغيرة للتحالف معها، كما أن المسيحيين الديمقراطيين بزعامة ميركيل يرفضون الاستعانة باليسار من أجل نفس الغرض. وهكذا تقبل ألمانيا على أزمة سياسية بفعل تشتت نسب أصوات الناخبين الذين لم يعطوا ثقتهم بشكل واضح لأي كان من الأحزاب القائمة. ولا يبقى ثمة حل سوى أن تحدث معجزة ما تؤدي إلى تحالفات غير معتادة، أو أن تعاد الانتخابات، وهنا تعود العملية السياسية سيرتها من جديد.
أحمد صالح - برلين