لعله بقدر ما تبدو عبارة "الإصلاح العربي" قصيرة ومختصرة، فهي تعني الكثير والكثير مما يجب تغييره وتطويره في أوضاعنا العربية العامة الراهنة. فبعد عدة عقود من رحيل الاستعمار الأوروبي من بلادنا وقيام كياناتنا الوطنية المتعددة، لازلنا نعاني نقصا حادا وتأخرا كبيرا في المجالات الاقتصادية والصناعية والسياسية والعلمية! وبغض النظر عن العوامل التي أدت إلى ضعف النتيجة أو المحصلة النهائية لخمسة أو ستة عقود من الاستقلال، فإن الاعتراف بحقيقة الواقع هو نقطة الانطلاق الأساسية لأي إصلاح جاد فيما يعلن من برامج ووعود. وهكذا فنحن بحاجة ماسة إلى إقامة نظام اقتصادي فعال ومرن وقادر على تأمين استقلالنا القومي إزاء الضغوط الخارجية، كما أنه من الأولويات الضرورية لنا أيضا إنجاز نظام تعليمي متطور يتجاوز المناهج والأساليب العقيمة التي اهتمت بالكم على حساب الكيف وبالتلقين والتقليد على حساب الإبداع والابتكار. كما نحتاج في مرحلتنا الحالية كذلك إلى أنظمة حكم رشيدة، تتواءم مع حقائقنا الاجتماعية ومع روح العصر الراهن وما يميزه من مشاركة شعبية في صناعة القرارات المصيرية.
ولعل ذلك يقتضي منا عدم الالتفات إلى النقاش العقيم الدائر حول ما إذا كان يجب على الإصلاح أن ينبع من الداخل أم يملى من الخارج، إذ لا عبرة بمصدر الإصلاح إذا ما تحقق بشكل سليم ومنصف لصالح الجميع.
خديجة منذر- المغرب