كشفت دراسة أعدّتها وحدة الدراسة والبحوث والإحصاء في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية في الدولة بنسبة 3%-25% خلال الفترة بين عامي 2001 و2005، وتوقعت الدراسة أن تواصل أسعار المواد الغذائية ارتفاعها إلى 35% حتى نهاية العام الجاري وبداية العام المقبل. وما يُفهم من هذه الدراسة، التي كشف عن نتائجها الأسبوع الماضي، أنها جاءت ضمن تكليف لقطاع الشؤون الاجتماعية بالوزارة بإجراء دراسة عن واقع الضمان الاجتماعي والمستفيدين ومدى تأثرهم بالزيادات التي طرأت على مستويات الأسعار، فضلا عن إجراء دراسة مقارنة بين التشريعات ذات الصلة وقيمة المساعدات الاجتماعية في دول "التعاون"، ولكن اللافت هنا أن الوزارة لجأت بنفسها إلى إعداد الجزئية الخاصة بمعدلات ارتفاع الأسعار خلال الفترة من 2001 حتى منتصف العام الجاري، واعتمدت في ذلك على بيانات ومعلومات استرشادية من وزارة الاقتصاد والتخطيط، مع أن البديهي أن تكون هذه الدراسات السعرية المقارنة جاهزة ومتوافرة ومتاحة في وزارات وجهات أكثر التصاقاً واختصاصاً بهذه المسألة منها وزارة الاقتصاد والتخطيط وأيضا الغرف التجارية ووزارة التجارة وغيرها.
ومن البديهي أيضا أن يُفسّر اعتماد وزارة العمل على نفسها في إعداد الجزئية الخاصة بالمستويات السعرية بغياب أي نتائج وقياسات ومعدلات رسمية حول هذه الجزئية في الجهات المعنية، والمشكلة هنا لا تكمن في إجراء دراسات سعرية في قطاع الشؤون الاجتماعية بوزارة العمل بل في غياب مثل هذه الدراسات عن وزارات وجهات متخصّصة لأن من المستبعد -نظريا على الأقل- أن تكون هذه الدراسات السعرية موجودة ولا تستعين وزارة العمل بنتائجها في إعداد الدراسة النهائية المطلوبة.
ربما تكون هذه المسألة غير ذات بال، ولكنها تعكس واقعاً نعانيه في كثير من الجهات الحكومية، وهو غياب المقدرة على العمل الجماعي أو ضمن فرق عمل مشتركة سواء بين إدارات الوزارة أو الجهة الحكومية نفسها أو بين الوزارة وجهات حكومية أخرى، وذلك لأسباب واعتبارات وربما عراقيل عديدة بعضها إداري وبعضها الآخر يتصل بتنازع الاختصاصات والمسؤوليات بما يؤدي في النهاية إلى تكرار الجهد والإنتاج مع ما يعنيه ذلك من مضاعفة معدلات الإنفاق المالي وهدر للوقت والجهود وضياع لفرصة الاستفادة من التفكير التعدّدي المشترك الذي يقود بالنهاية إلى إنتاج عمل جماعي وانصهار طاقات وأفكار المجموعة أو الأفراد المشاركين جميعهم في بوتقة واحدة. وهذا التكرار في إنتاج العمل ذاته يلاحظ في ملفات ومسائل عدة، فمن السهل أن يلحظ المراقب صدور إحصاءات وبيانات سكانية -فعلية أو تقديرية- صادرة عن جهات عدة من دون اتفاق في الأرقام أو التقديرات، ومن السهل أيضا ملاحظة هذا الأمر بالنسبة إلى موضوعات وملفات أخرى بخلاف حراك الأسعار مثل نسب العمالة الوافدة ومعدلات البطالة بين شبابنا وغير ذلك من الملفات ذات الصلة بقضايا حيوية تتطلب في دراستها وتحليلها أرقاما وبيانات إحصائية متناهية الدقة تسهم في صناعة قرارات تتصدّى لجوهر هذه الإشكاليات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية