أختلف مع ما ذهب إليه الدكتور طيب تيزيني في مقاله المنشور في "وجهات نظر" يوم الثلاثاء الموافق الثالث عشر من سبتمبر الحالي. فأنا لا أرى أن ظاهرة القومية قد دخلت مرحلة الأفول النهائي مع اتساع ثورة الاتصالات كما يقول الدكتور تيزيني. فثورة الاتصالات الحالية ليست هي الأولى في تاريخ البشرية فقد كانت البشرية تعتمد على وسائل بدائية في التواصل مع بعضها بعضاً كالحمام الزاجل أو نقل البريد عبر القوافل وغيرها من الوسائل البدائية التي استمرت في العصور القديمة والوسطى وذلك قبل اختراع التلغراف والهاتف. إن اختراع التلغراف والهاتف أحدث ثورة هائلة في الاتصالات، ولكن هذه الثورة لم تؤد إلى اختفاء القوميات ولا اختفاء الأديان. ربما تكون قد أثرت عليها بشكل ما ولكنها لم تؤد إلى أفولها وانحسارها. وها نحن أولاء نرى أن المشاعر الدينية والتمسك بالدين والاعتماد عليه كمرجعية، قد تعززت جميعا على الرغم من العولمة وثورة الاتصالات الحديثة. ليس هذا فحسب بل إننا نجد أن ثورة الاتصالات هذه ساهمت في تقوية وترسيخ هذه المشاعر وأن الجماعات الأصولية تستخدم وسائل الثورة الاتصالية في تحقيق المزيد من الانتشار، وجذب المؤمنين والأنصار. يعني هذا أنه إذا ما كانت القومية تمر حاليا بمرحلة كمون، فإن ذلك سيكون لفترة مؤقتة وأنها ستعود أقوى مما كانت عليه عندما تتوافر الظروف الملائمة تماما كما حدث مع العقائد الدينية، ليس عندنا في الشرق ولكن في الغرب أيضا.
سيد العربي- دبي