في تصريحات نشرتها الصحف المحلية، قال د. خالد الخزرجي وكيل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، إن الوزارة "تعاني" جراء قصور الإمكانيات المادية والبشرية، وإنه في ظل هذا القصور لا يمكن إصلاح الاختلالات الهيكلية في سوق العمل المحلية، وإن الوزارة تعمل بكل طاقاتها للإبقاء على "شعرة معاوية" في علاقاتها مع الجهات المعنية كي لا تتفاقم هذه الاختلالات. وهذا "التشخيص" الذي يقدم تفسيرا غير مباشر للأسباب التي تقف وراء محدودية الإنجازات، قد يكون فيه كثير من الدقة، ولكنه بالمقابل لا يعفي الوزارة من المسؤولية، فالتصريحات تنطوي على "دفاع" قوي يتسم بالصراحة عن موقف الوزارة، ولكن ما يمكن أن يؤخذ على هذا الموقف أن هناك حديثا عن "الخطط" والتخطيط الذي يضيع هباء بسبب ضعف الإمكانيات في حين أن أحد أهم ركائز التخطيط الصحيح يتمثل في وضع الأهداف وفقاً للإمكانيات المادية والبشرية المتاحة لدى الجهة القائمة بالتخطيط، ناهيك عن أن التخطيط الدقيق والسليم يسهم بطبيعة الحال في تحقيق أفضل استثمار ممكن لهذه الإمكانيات ما يؤدي بالتبعية إلى الاقتصاد في الوقت والتكاليف. وبالتالي فإن الحديث عن قصور تمويلي يؤدي إلى ضعف تنفيذي لا يعني بالضرورة أن المسؤولية بكاملها ملقاة على "الغير" الذي يقصد به غالباً المخصصات الواردة ضمن ميزانية الدولة، على اعتبار أن هناك أيضا ما يعرف بالواقعية في تحديد الأهداف عند رسم السياسات الإدارية، بمعنى المواءمة قدر الإمكان بين الموارد البشرية والمادية المتاحة من جهة، والأهداف المتوخاة من جهة ثانية، أو بمعنى آخر العمل على تعظيم مردود الإمكانيات المتاحة وتحقيق الاستفادة القصوى منها.
وغني عن القول إن وزارة العمل قد خاضت في الأشهر الأخيرة العديد من المواجهات على صعيد سوق العمل المحلية، وقامت بفتح العديد من الملفات، وربما كان أهمها ما يتعلق بالفصل بين الوظيفة العامة وممارسة نشاط تجاري من جانب موظفيها، وهذا كله أسهم بالطبع في إيجاد مناخ غير مواتٍ نسبيا داخل الوزارة، كما أسهمت تصريحات مسؤولي الوزارة في رفع سقف طموحات التغيير والإصلاح سواء في داخل الوزارة نفسها أو فيما يتصل بنطاق عملها في سوق العمل المحلي، وبالتالي وجدت الوزارة نفسها تحت ضغوط و"محاصرة" - إن جاز التعبير - داخل نطاق ضيق من الإمكانيات المادية والبشرية المحدودة التي ارتأت أنها ضئيلة، ما يقودنا في النهاية إلى استنتاج مفاده أن الثغرة القائمة بين ما هو مطلوب وما هو قائم ليس ناجماً فقط عن الفارق بين الأهداف والإمكانيات ولكنه أيضا ناجم عن تجاهل عنصر الإمكانيات المتاحة وواقعية الأهداف ضمن ركائز التخطيط الإداري.
المأمول بالطبع أن تنجح وزارة العمل في الحفاظ على "شعرة معاوية" وأن تعزز موقفها بحيث تنتقل إلى مربع أكثر قوة يؤهلها لإلزام شركات القطاع الخاص بما يصدر من قرارات، وأيضا التخطيط لسيطرة حقيقية فاعلة على سوق العمل المحلي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية