ما فتئت أطراف لبنانية تطالب ضمنا أو صراحة باستجواب الرئيس ايميل لحود أمام القاضي ديتليف ميليس الذي يرأس فريقا دوليا للتحقيق في مقتل رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري. لكن ترى هل ذلك الأمر من أجل مصلحة لبنان، أن يمثل رئيس الجمهورية للتحقيق؟ ومن منا يسمح بانتهاك السيادة الوطنية ورموزها؟
لا أحد من اللبنانيين لا يعلم جيدا تلك الأطراف التي لم تتوقف عن استغلال مقتل الحريري والمتاجرة بدمه والنفخ في أبواق المأساة لصالح أجندتها وأهدافها الضيقة، ولو أدى ذلك إلى تفجير المنطقة وإشعال لبنان من الداخل والخارج ودفعه مرة أخرى نحو حرب أهلية، فالأمر كأنه لا يعنيها! لم تبخل تلك الأطراف بتوزيع الاتهامات والإدانات والأحكام الناجزة منذ الانفجار الذي أودى بحياة الحريري، لكنها إلى الآن لم تقدم دليلا واحدا لإدانة أية جهة من الجهات التي تتهمها، بل وقعت في تناقضات وتصرفت بعصبية واضحة وأرادت من التحقيق والقضاء أن يحاكما جميع خصومها السياسيين بشبهات ضعيفة وبلا قرائن!
وتلك الأطراف التي تظهر ذلك القدر من التشنج، هي ثلاثة أصناف بلا رابع؛ الصنف الأول تحركه دوافع الزعامة وحلم التماهي مع سلف كان له ظروف تاريخية رفعته إلى مستوى معين! بينما يحمل الصنف الثاني أجندة طائفية تضع كل اللبنانيين ممن هم خارج طائفتها في خانة "الأعداء"! وأخيرا يتحرك الصنف الثالث بدوافع تتعلق بالكسب المادي، وهم قلة كانوا يدورون في أفلاك عائلية متنفذة!
وبغض النظر عن طبيعة وخلفيات القائل، فإن القول بمساءلة رئيس الجمهورية ومحاكمته هكذا بكل بساطة، هو قول لا يمت للعقل والقانون والشرعية وسيادة لبنان ومصالحه الوطنية العليا، بأدنى صلة!
نيفين عمرو- بيروت