تكشف لوحة التجاذبات الجارية في العراق حول مسودة الدستور المنتظر، وما يحيطها من مساومات وضغوط وتراجعات، قدرا غير يسير من الأنانية السياسية وعاطفة حب الاستحواذ وإقصاء الطرف الآخر. فأمام إصرار ممثلي العرب السنة على موقفهم الرافض لمبدأ الفيدرالية وللطريقة التي تناولت بها مسودة الدستور هوية العراق وانتماءه العربي، راح قادة التحالف الشيعي - الكردي يطلقون في الأيام الأخيرة شائعات متناقضة، ففيما أكد وزير الخارجية هوشيار زيباري للاجتماع الوزاري العربي المنعقد في القاهرة أن الصيغة المتعلقة بهوية العراق تم تعديلها لتنص على أنه جزء من الأمة العربية، صرح رئيس الوزراء إبراهيم الجعفري بأن المسودة نهائية ولا طمع في تعديلها إطلاقا!
لكن من المهم هنا أن ندرك، وذلك لمصلحة العراق في المقام الأول، أنه إذا كانت الأطراف الطائفية التي تتحكم الآن في دواليب العملية السياسية في العراق، تملك قدرا لا بأس به من أوراق الضغط إزاء باقي العراقيين، كي تمرر الدستور على النحو الذي أرادته سلفا، فإن السنة العرب هم أيضا يملكون أوراقا في غاية الأهمية. ولنتمعن فقط في ما كشف عنه مؤخرا وزير الدفاع السابق حازم الشعلان، من أن الانتخابات الأخيرة لم تكن لتتم لولا أن حكومة إياد علاوي تفاوضت مع المقاومة ليتوصلا إلى هدنة خلال أيام الاقتراع.
يتضح من ذلك إذن أنه لابد من توافق عراقي لا يسعى فيه طرف إلى تجاوز طرف آخر أو التعدي على حقوقه الوطنية، ولكن بما يحقق إجماعا شاملا لإدارة المرحلة الحالية والوصول بالعراق إلى بر الأمان والاستقرار والوحدة والحرية والتقدم.
عمر زيدان عزيز- بغداد