ما من شك أن إعصار "كاترينا" الذي ضرب ولاية نيوأورليانز في الولايات المتحدة الأميركية سيخلف أضراراً كبيرة في الخزينة الأميركية مع نهاية هذا العام. لكن السؤال الذي يفرض نفسه في الوقت الراهن هو كيف ستقوم الإدارة الأميركية بالحفاظ على مستوى النمو في الناتج الإجمالي الأميركي بعد أن توقع وزير الخزانة الأميركي جون سنو أن الدمار الذي خلفه إعصار "كاترينا" سيبطئ نمو الاقتصاد الأميركي خلال الأشهر المتبقية من هذه السنة، حيث كان متوقعاً أن ينمو بـنسبة 3.5 في المئة، ليواصل صعوده كأكبر اقتصاد في العالم.
هذا السؤال ستظهر إجابته قبل نهاية العام من خلال جملة إجراءات سياسية واقتصادية ستقوم بها الإدارة الأميركية في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، وهي إجراءات لا يمكن لأي شخص أن يتوقع إيجابيات منها، لأننا اعتدنا خلال السنوات الماضية على أسلوب الإدارة الأميركية في التعامل مع الكوارث الداخلية لديها من خلال خلق كوارث أخرى خارج حدودها تصب في صالح حل كوارثها أياً كان شكلها.
لقد كان إعصار "كاترينا" ضربة موجعة بلا أدنى شك للاقتصاد الأميركي في الربع الأخير من العام الجاري، وسيكون سبباً في فقدان الناتج الإجمالي الأميركي لهذه السنة حوالي 0.5 في المئة بسبب الكارثة، حيث بلغت الخسائر حوالي 100 مليار دولار أميركي وهو ما لم يكن في حسابات الإدارة الأميركية على الإطلاق.
هذه الحقيقة تقودنا للتعاطف مع الشعب الأميركي المتضرر الأكبر من هذه الكارثة، ولكنها في الوقت نفسه تقودنا للتفكير ملياً في الآلية التي ستنتهجها الإدارة الأميركية لحل نتائج "كاترينا" الاقتصادية قبل حلول الشتاء والاقتراب من وضع الأرقام النهائية للنمو في الناتج الإجمالي للولايات المتحدة، وهي الأرقام التي تؤثر سياسياً على سمعة إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش... من هنا يأتي الخوف من حلول تكون على حساب الشعوب الأخرى التي تتعاطف مع الشعب الأميركي فيما حل به من دمار بشري واقتصادي كبير نتيجة إعصار "كاترينا"، وأتمنى أن يرفض الأميركيون مثل هذه الحلول.
أمان سواح- بيروت