عملية الاغتيال التي تمت بدم بارد ووحشية للواء موسى عرفات المستشار الأمني للرئيس الفلسطيني محمود عباس واختطاف نجله "منهل" على يد 100 مسلح أمس في مدينة غزة على بعد 200 متر فقط من منزل رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية وبالقرب من مقر جهاز الأمن الوقائي، ووزارة الداخلية وجهاز قوات الــ 17 يثير مجددا مسألة فوضى السلاح، بل "غابة السلاح" التي تهدد قطاع غزة الذي ينتظر التحرير من قبضة الاحتلال·
الفلتان الأمني والسلاح المنتشر بشكل سرطاني في أيدي كل من هب ودب يضع قطاع غزة مع اقتراب الانسحاب الإسرائيلي أمام مستقبل مجهول محفوف بالموت والدم والدمار ·
الفصائل المسلحة التي تحمل السلاح باتت كالسرطان منتشرة في أنحاء القطاع وحولته إلى "مقاطعات" خاصة بها مزروعة بالبنادق والبارود يسكنها الموت والمصالح الخاصة والصراعات البعيدة تماماً عن المصالح الوطنية والشعبية، وقد نصبت هذه الفصائل والجماعات والميلشيات المسلحة نفسها وسط ظروف اقتصادية صعبة وانفلات أمني وصراعات وصياً على الشعب الفلسطيني وأقامت المحاكم وساحات الإعدام في الطرقات·
ما حدث يوم أمس أمر خطير جداً ينذر بانفلات أمني مروع وتصفية حسابات شخصية وفصائلية وعمليات انتقام وثأر بائت وفوضى يصعب السيطرة عليها إذا لم تتحرك السلطة وبشكل سريع مع بدء العد العكسي للانسحاب الإسرائيلي من القطاع لنزع فتيل الفتنة والتسابق على الغنائم وشرب دماء الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم لتحقيق الأمل والحلم الفلسطيني بالحرية والتحرر من الاحتلال الإسرائيلي·
أمام السلطة الوطنية الفلسطينية مهمة صعبة وشاقة لابد أن تتقدم أولوياتها وهي بسط الأمن وفرض هيبة القانون والعدل ونزع سلاح الفصائل التي تروع الشعب الفلسطيني بعمليات الإرهاب والقتل والاغتيال، وهذه المهمة يتحمل الجزء الأكبر في انجاحها وإنجازها الشعب الفلسطيني بتآزره وتضامنه مع السلطة الوطنية للتخلص من هذا السرطان الذي يهدد الجسد الفلسطيني ويحاول الفتك بمنجزاته الوطنية والحضارية التي حققها خلال السنوات الماضية·