ربما سيعد يوم الثالث من أغسطس 2005، يوما فاصلا في أيام التاريخ الموريتاني، حيث تحرك عدد من قادة الأمن والقوات المسلحة الوطنية لانتشال البلاد من حالة الغرق والانسداد التي أدت إليها سياسات نظام الرئيس المخلوع معاوية ولد الطايع، ولتعلن السلطة الجديدة حزمة واسعة من القرارات والإجراءات العملية؛ بهدف إسقاط مؤسسات الفساد المالي والاقتصادي وإعادة إطلاق الحياة السياسية وفق معايير جديدة عادلة.
إلا أن يوم الجمعة الثاني من سبتمبر الجاري، سيعد اليوم الذي طويت فيه إحدى صفحات الاستبداد والديكتاتورية الأكثر قتامة خلال كل العهود التي تعاقبت على البلاد، عندما أفرج المجلس العسكري الحاكم عن كافة المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي في إطار عفو عام وشامل، بدأ يعود بموجبه مئات المنفيين السياسيين الذين أصدر بحقهم قضاء النظام السابق أحكاما تعسفية جائرة، إضافة إلى من فروا من القمع والملاحقات الأمنية طوال سني حكم الرئيس المخلوع.
وأهمية قرار العفو الأخير، كونه جاء مكملا وبمثابة الدليل الأخير ضمن أدلة ومؤشرات أخرى على أن الغيرة الوطنية كانت الدافع الأساسي وراء تحرك القادة العسكريين نحو تغيير الثالث من أغسطس، وعلى أنهم صادقون وجادون في تنفيذ كل التعهدات التي قدموها منذ ذلك الوقت، سواء فيما يتعلق بإقامة دولة القانون والمؤسسات، أو بناء نظام الحكم الرشيد، أو تنظيم انتخابات حرة ونزيهة، وأخيرا تصميمهم على اعتزال الحكم والعودة إلى الثكنات.
ومما لا شك فيه أن عودة ذلك الجمع الكبير من الوطنيين الأحرار، سياسيين ومثقفين وعسكريين سابقين، إلى الحياة العامة في هذه المرحلة من تاريخ البلاد، سيعزز شرطها التاريخي لدخول المستقبل وولوج آفاقه الواعدة.
خالد ولد محمد- المغرب