قبل سقوط ديكتاتورية صدام، تعرض الكثير من المثقفين العراقيين إلى الاضطهاد والمطاردة والسجن والنفي القسري والإعدام من قبل النظام الدموي، ولكن بعد انهيار الديكتاتورية في التاسع من أبريل عام 2003، استمر مسلسل الموت العبثي، من قبل القوى الظلامية المتخلفة والعصابات الإرهابية المتحالفة مع بقايا أزلام النظام المنهار، حيث قامت هذه الزمر الإرهابية باستهداف الكثير من المثقفين العراقيين، وفي جميع مجالات الثقافة دون تحديد، لأن هؤلاء الجهلة تخيفهم حتى كلمة الثقافة، فكيف يتحملون صانعها ومبدعها ومنتجها وهو المثقف العراقي؟ هؤلاء الإرهابيون وجهوا كل نيران إرهابهم الأسود ضد المثقفين العراقيين من خلال الخطف والاغتيال والابتزاز، ولا تمر بضعة أيام، إلا ونسمع عن استشهاد رمز من رموز الثقافة الوطنية العراقية. لقد خسر العراق وشعبه في هذه الأيام العشرات من العلماء والأدباء والفنانين والمبدعين والأكاديميين والصحفيين والأطباء، وغيرهم الكثير والكثير.
ولكن المثقفين العراقيين لا زالوا كما كانوا من قبل، يتحدون كل هذه الزُمر والجماعات الإرهابية، ويواصلون نشاطهم الثقافي الإنساني الإبداعي دون توقف وخوف، لأنهم يدركون تماماً، أن الثقافة الوطنية هي سلاح قوي لمواجهة الحملات الظلامية المتعصبة وكل أشكال الإرهاب والإرهابيين.
وعلى الحكومة العراقية ومؤسساتها والأحزاب والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني أن تساهم جميعا في حماية الثروة الوطنية الأهم في العراق والحفاظ عليها، وهي الثروة المتمثلة في مثقفي العراق، الذين يمتد تاريخهم الثقافي والعلمي والسياسي والاجتماعي إلى البدايات الأولى لتكوين الدولة العراقية.
لأن ما نحصل عليه من أخبار يومية مفجعة ومؤلمة تتعلق باستشهاد المزيد من مثقفينا في جميع محافظات العراق ومدنه، ما هي إلا خسارة كبيرة لا يمكن تعويضها بسهولة في هذه الأيام الصعبة، فألف تحية للمثقفين العراقيين والمجد الخالد لشهداء الثقافة العراقية.
حمزة الشمخي- كاتب عراقي