الجدل السياسي في إسرائيل تحسمه بالأساس مزايدات مكرورة، فإما أن "اليمين" الإسرائيلي يزايد أعضاؤه على بعضهم بعضاً، أو أن "اليسار" ممثلاً في حزب "العمل" يزايد على اليمين "الليكودي"، والنتيجة النهائية أن المشهد السياسي في إسرائيل لا يتعدى كونه لعبة تبادل أدوار. "اليمين" المتطرف وأنصاره يرون الآن أن شارون قدم "تنازلات" للفلسطينيين دون مقابل عندما فكك مستوطنات غزة، ووجدنا أن وزير المالية الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقيل من حكومة شارون، ليعلن قبل أيام أنه سيرشح نفسه لزعامة "الليكود"، ما يعني أن "اليمين" الإسرائيلي بصدد موجة جديدة من المزايدات.
الغريب أن "اليمين" الإسرائيلي المتطرف يفسر أية خطوة تقدم عليها حكومة شارون بأنها تنازل دون مقابل، في حين أن الواقع يؤكد على أن خطوة الانسحاب من غزة جاءت بعد دراسة موضوعية وبراغماتية قامت بها حكومة شارون لرصد الأسباب الحقيقية للانسحاب الذي يوفر على الحكومة الإسرائيلية التكلفة الأمنية والمالية لحراسة مستوطنات القطاع التي كانت مغروسة داخل تكتل ديموغرافي فلسطيني من الصعب السيطرة عليه.
"اليمين" الإسرائيلي يراهن دائما على المواقف المتشددة، لكن في النهاية، تنكشف اللعبة لتصبح هذه المزايدات مجرد ورقة في لعبة السياسة الداخلية الإسرائيلية، التي بدا واضحاً أنه لا توجد فيها حمائم ولا صقور، بل إن ساسة إسرائيل براغماتيون يحاولون دائما الظهور أمام العالم بأنهم الطرف الذي يقدم "تنازلات"!
مجدي عبدالرحيم- العين