بقرار اللجنة البرلمانية العراقية "المختصة" إجازة مشروع الدستور العراقي، تكون إذن قد اختارت طريقاً يضر بالإجماع الوطني الداخلي ويكلفه غاليا! فرغم المداولات التي استمرت حوالي الشهرين بين الكتل الطائفية الثلاث، السنية والشيعية والكردية، حول قضايا محورية تتعلق بالوحدة الوطنية وطبيعة النظام السياسي وهوية العراق، فقد أجمع الطرفان الكردي والشيعي أمرهما على تجاهل التحفظات والمطالب التي طرحها الطرف السني، رغم أنها تحفظات ومطالب مبررة ووجيهة إلى أبعد حد. فالنظام الفيدرالي الذي تطرحه مسودة الدستور الجديدة، يحمل مخاطر الانقسام في بلد لم يحقق الحد الضروري من الاندماج السياسي والاجتماعي ولا تملك قواه السياسية الحالية الفاعلة غير أجندات طائفية معلنة. بينما يعكس اكتفاء مسودة الدستور بالإشارة إلى انتماء جزء من الشعب العراقي إلى العروبة، خرقا للمبدأ الديمقراطي ونية مبيتة للعبث بهوية العراق. أما أخطر ما يحمله تضمين شعار "اجتثاث البعث" في مسودة الدستور، فهو أنه ربما يصبح ذريعة للاستمرار في التصفية الطائفية الحالية، مع العلم بأن عدداً كبيراً من قادة "حزب البعث" شيعة، إلا أنه لسبب ما جري دمغ السُنة دون غيرهم بختم "البعث"!
ولعله لم يكن لبعض القوى الطائفية أن تمرر مشروعاتها لولا الظرف الحالي؛ متمثلا في غياب تمثيل برلماني للسنة، كونهم قاطعوا الانتخابات الأخيرة، علاوة على الوجود الأميركي الذي وفر منذ الغزو غطاء حماية ودعم لمشروعات طائفية أفصحت عن نفسها صراحة وراء مشروع الدستور الحالي.
عامر نجيب- البصرة