بعد أيام قلائل، يبدأ عام دراسي جديد نأمل جميعا أن يشهد بداية حقيقية لمعالجة جذرية للإشكاليات المزمنة التي يعانيها النظام التعليمي في الدولة، خصوصا بعد أن وضع الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أساسا راسخا في تطوير التعليم حين أكد سموه ضرورة التطوير بنوعية التعليم وعدم التساهل مع المدارس التي لا تؤدي واجبها على الوجه الأكمل. وإذا كانت وزارة التربية والتعليم تبدي اهتماما ملحوظا في الوقت الراهن بتطوير المناهج وإعادة ترتيب الأوراق للتخلص من عثرات العملية التعليمية، فإن من الضروري أن تولي الوزارة عناية استثنائية للغذاء الذي يقدم للتلاميذ في المدارس الحكومية والخاصة أيضا من دون تفرقة.
وبعيدا عن الشعارات والحملات أو "الحفلات" التثقيفية التي تنظم في بعض الأحوال للتوعية حول الغذاء الصحي، فإن الدراسات والإحصاءات التي أجريت العام الماضي، قد لفتت الانتباه إلى محدودية نتائج هذه الحملات وأن هناك معدلات متزايدة للسمنة نتيجة لانتشار الأغذية غير الصحية في مقاصف المدارس، التي تدار وفق حسابات تجارية بحتة دون النظر إلى خطورة الدور السلبي الذي تؤديه أغذية هذه المقاصف في تحجيم النمو العقلي والجسمي لدى الأطفال في هذه العمر المبكرة.
وإذا كان هناك من يرى صعوبة في فرض أغذية أو مشروبات معينة على أطفال "جيل الكمبيوتر"، فمن الضروري الإشارة إلى أن العديد من المدارس الأميركية قد انتظمت ضمن حملة وطنية لتقليل استهلاك الأطفال للأطعمة المشبعة بالدهون والسكر ومنعت الأغذية التي تتوافر فيها هذه المواد من المدارس، كما منعت بعض الولايات الأميركية بيع المياه الغازية في المدارس وحلت محلها مشروبات وعصائر مفيدة صحيا، وحلت أيضا قوالب الشوفان والبطاطا المطهية في الأفران محل قوالب الشيكولاته والبطاطا المقلية.
بعض معارضي هذه التوجهات يرون أنها غير مجدية وأن التلاميذ يمكنهم تجاوزها عبر إحضار مايريدون من المنازل، ولكن استكمال حلقة التوعية والتعاون بين البيت والمدرسة ووسائل الإعلام يمكن أن يحد كثيرا من الإقبال على الأغذية غير المفيدة، انطلاقا من أن خط الدفاع الأول في مواجهة السمنة وما يرتبط بها من أمراض عضوية، يتمثل في ترجمة مايردده الجميع إلى خطوات تنفيذية ملموسة يمكن لها أن تلقى نجاحا رغم وجود مقاومة طبيعية للتغيير لدى الكثير من الأبناء وربما بعض الآباء، ناهيك عن شركات المشروبات الغازية والحلويات التي تنشط دعائيا في الترويج لمنتجاتها في مواجهة أي حملات توعية صحية.
هذا الاتجاه ليس نوعا من الرفاهية بل بات مطلبا ملحا يستحق الاهتمام ضمن إطار أي سياسات صحية وقائية، ويكفي الإشارة إلى أن هناك مشروعات قوانين في نحو 18 ولاية أميركية تستهدف حظر بيع المشروبات الغازية المحلاة في المدارس، والأمر لا يختلف كثيرا في أوروبا، حيث تتزايد أيضا معدلات الاهتمام بتوفير خيارات صحية للأبناء.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية