الجدل الدائر حول مسودة الدستور العراقي كشف عن حقيقة خطيرة وهي أن عروبة بلاد الرافدين باتت على المحك، فمسودة الدستور لم تشر صراحة إلى أن العراق دولة عربية، ما يعني أن تمرير المسودة بهذا الشكل سيفتح الباب على مصراعيه أمام حرب أهلية عراقية. الأمر يحتاج إلى الانتظار لأيام أو حتى أسابيع عدة كي تخرج مسودة الدستور ببنود يرضى عنها جميع العراقيين. وحذار من الاستعجال، لأنه من غير المنطقي أن يتم طبخ الدستور العراقي بهذه السرعة الغريبة، وسيخسر الجميع إذا انفلتت الأمور وخروج الدستور العراقي منقوصاً أو كرس مصالح فئات على حساب فئات أخرى. وأقول لمن يستقون بالولايات المتحدة وبالحكومة العراقية الانتقالية: إن الحلول المنقوصة لا تفيد أحداً، وأن العواقب الناجمة عن دستور يرفضه العراقيون قد تعصف باستقرار العراق وتطيل بقاء القوات الأجنبية فيه.
العراق الآن في حاجة ماسة إلى موقف عربي قوي من أجل حماية عروبة العراق ووحدة أراضيه، فمن غير المقبول أن يُترك العراق هكذا، وهو يسير نحو المجهول.
التطورات الحاصلة في العراق الآن تؤكد أن دول الجوار ستتضرر كثيراً في حال تحولت بلاد الرافدين إلى دولة تتحكم فيها الطوائف، وتدير شؤونها ميلشيات غير نظامية، كما في البصرة التي بدت الآن وكأنها إحدى المحافظات الإيرانية. أين العرب من العراق؟ تساؤل صارخ أوجهه إلى العرب قبل أن يضيع العراق محترقاً بنار الصراع على السلطة وحراب المحاصصة المذهبية والعرقية وسهام الفيدرالية المغرضة.
زكي توفيق-الشارقة