يوم أمس الجمعة نشرت "وجهات نظر" مقالاً للدكتور عبدالله خليفة الشايجي، تطرق فيه إلى الدستور العراقي الجديد، والجدل الدائر حوله. ولعل أهم ما لفت انتباهي في مقال الدكتور الشايجي هو تحذيره من الاستعجال في صياغة الدستور، وتحذيره أيضا من مغبة تعرض شريحة عراقية معينة للظلم، أو تفكيك العراق إلى دويلات ثلاث، ما سيقلق دول الجوار. أميركا أخطأت مرتين؛ مرة عند غزوها العراق، والأخرى عند عدم استعدادها لاحتواء المشهد العراقي المفعم بالتجاذبات العرقية والمذهبية، والنتيجة هي تسويات مؤقتة لا قيمة لها، ما يجعل العراق عرضة لحرب أهلية لا تبقي ولا تذر.
بعض القوى السياسية في العراق تُساير الضغوط الأميركية خوفاً وطمعاً، لا سيما وأن الأميركيين "يثقون" في شرائح عراقية معينة، خاصة تلك التي تعرضت للظلم والاضطهاد إبان حكم صدام. لكن هذا لا يعني تجاهل مواقف ومصالح فئات عراقية أخرى من الشارع العراقي. وفي تقديري أن تهميش أي فئة أو شريحة عراقية وتمييز فئة على حساب أخرى سيجعل العراق أتوناً للحرب الطائفية، وسيكون الجميع ضحايا في محرقة الصراع على السلطة، وهو صراع تتحكم في خيوطه واشنطن وبعض البلدان المجاورة للعراق. أتمنى ألا يكون الدستور العراقي وقوداً لحرب أهلية عراقية، وأتمنى أن يحترم القائمون على صياغة مسودة الدستور جميع الآراء، كي يكون الدستور أداة لبناء العراق لا معولاً لهدمه.
وفي الحقيقة، إذا كان الدكتور الشايجي قد وصف دستوراً عراقيا يتم صياغته في عجالة لإرضاء واشنطن بالدستور المفخخ، فإن صفة التفخيخ هذه جديرة بالسياسات الأميركية في العراق، التي تسعى من خلالها إدارة بوش إلى الهروب إلى الأمام، وذلك على حساب استقرار العراق ووحدة وشعبه.
حسام عبدالرحيم- العين