استعراض القوة في العراق بين الكتل السياسية واستخدام الرصاص بدلا من الحوار الديموقراطي والتقريب بين وجهات النظر وردم هوة الخلاف لا يخدم العراق والعراقيين في هذه المرحلة المهمة من تاريخ هذا البلد الذي يقف اليوم على مفترق طرق مهم يحدد مستقبله لعقود وأجيال قادمة، والظرف الراهن الذي يمر به العراق يستدعي حشد كل الجهود الوطنية وتوجيهها نحو التخلص من الآلام التي يعيشها العراق وليس صب الزيت على النار، فالعراق المثخن بالجراح يحتاج إلى من يضمد جراحه لا أن يقتل ويغتال بيد أبنائه الذين لا يملكون في ظل هذه المرحلة سوى أن يكونوا يدا واحدة تبني وتعمر وتدعم الأمن والاستقرار وليس العكس فالعراق لا يحتمل مثل هذه الحوارات الدموية وهو يواجه عصابات الشر من الإرهاب والإرهابيين الذين يستبيحون هذا البلد بكل وسائل القتل والتدمير·
الكتل والتيارات والأحزاب السياسية ليس أمامها طريق في ظل الظرف الراهن سوى الاتفاق ولو على الحد الأدنى وعدم اللجوء إلى العنف والسلاح والرصاص لحل الخلافات أو فرض سياسية الأمر الواقع فهذه اللغة الخطيرة والدموية مرفوضة أصلا من الشعب العراقي الذي يتطلع إلى الاستقرار والأمن والحياة، ومثل هذه اللغة تفتح الأبواب للمزيد من النعرات والثغرات التي تسمح للإرهاب المتربص بالعراق أن يواصل أعماله الإجرامية ضد الأبرياء من أبناء الشعب العراقي وإشعال نار الفتنة والحرب الأهلية وتقديم صورة سيئة عن العراق تضرب الجهود السياسية التي قطعت شوطا كبيرا لوضع العراق على الطريق الصحيح، والدستور الذي ينتظر التصويت عليه من قبل الجمعية الوطنية ''البرلمان'' التي علقت أعمالها إلى أجل غير مسمى بسبب التسخين الحاصل على الأرض ومحاولات الزج بالشارع السياسي العراقي لقلب المعادلة وإفشال الاستفتاء المنتظر في أكتوبر المقبل لإقرار الدستور·
الخلافات ليست جديدة على الكتل السياسية والأحزاب في العراق وقد استطاعت القيادة السياسية التي تعبر عن أطياف الشعب العراقي في مرات سابقة واختبارات كثيرة أن تجتاز الخلافات وتقدم مصلحة العراق على الجميع والحكومة العراقية التي تخوض اليوم المعركة السياسية خير دليل على وعي هذه القيادة بمعطيات ومتطلبات المرحلة الراهنة وما تستدعيه من توحيد للجهود والرؤى لما فيه خير وصالح العراق شعبا ووطنا وهي تعمل على إخراج الدستور الجديد بصورة متكاملة تعبر عن الشعب العراقي وتلبي طموحاته، وقد أكد على ذلك الرئيس العراقي جلال الطالباني وتأخير عملية التصويت على الدستور في البرلمان قبل طرحه على الاستفتاء الشعبي العام تمهيدا لإقراره يؤكد على أن القيادة السياسية والأطياف العراقية مدركة تماما ضرورة إنجاز دستور متفق عليه من الجميع حتى يكون هذا الدستور أساسا يمكن البناء عليه في المستقبل للانطلاق بالعراق الجديد·