تحت عنوان "تحرير فلسطين بالدبلوماسية لا بحماس" نشرت "وجهات نظر" يوم الجمعة الماضي مقالاً للأستاذ يوسف إبراهيم، وضمن ردي على هذا المقال أرى أن الكاتب اعتبر مهاجمة القوات الإسرائيلية عملاً إجرامياً ولا مسؤولاً، ونسي كل المجازر والجرائم الصهيونية التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني، والتي لم تنفع معها كل القرارات الأممية التي يراهن عليها الكاتب. إن التهديد باستخدام السلاح هو من أجل حماية الفلسطينيين في القطاع وليس من أجل شيء آخر، و"حماس" وفصائل المقاومة التي جاهدت ودفعت الأثمان الباهظة للوصول إلى حماية المدنيين لن تكون مخدوعة لتقدم للمحتل خدمة مجانية. وأما في موضوع استخدام السلاح من أجل تحرير فلسطين، فكلنا يعلم أن القرارات الدولية لا زالت في أدراج الأمم المتحدة ولم تفعل معها الدبلوماسية شيئاً، ثم إنه في مفهوم العلاقات الدولية تكون القوة العسكرية في خدمة الدبلوماسية لتحقيق الأهداف السياسية، وهي في فلسطين التحرير الكامل، فهل يريد الأستاذ إبراهيم أن يجرّد الدبلوماسية التي يراهن عليها من نقطة قوتها لفرض خياراتها وهي القوة العسكرية؟
أما إشارة الكاتب إلى كثير من النقاط التي تحدث عنها عضو قيادة "حماس" د. محمود الزهار ووصفه لذلك بالقرارات غير الحكيمة، فإن الزهار لم يكن يصدر قرارات ملزمة بقدر ما كان يعرض تحليلاً عن تصور الحركة لمفهوم المرحلة المقبلة. ومن حق أية حركة أن تعرض وجهة نظرها حول أية مسألة، فما بالكم بقضية كقضية فلسطين، وبحركة كـ"حماس" كان لها النصيب الأكبر من الجهاد؟ وبالتالي هل الديمقراطية والدبلوماسية اللتين يحدثنا عنهما كاتبنا لا تسمحان حتى بمجرد عرض الرؤى ووجهات النظر؟
وإذا كان الكاتب يعتبر "حماس" قلة من الشعب الفلسطيني إذا ما قورنت بـ"فتح"، فإنه يعطي لنفسه حقاً ليس له بل للشعب الفلسطيني الذي يظهر بمظهر المدافع عنه، والذي له وحده الحق في منح ثقته لمن يشاء ويريد. ويبدو أن كاتبنا لم يتابع نتائج الانتخابات المحلية التي جرت مؤخراً في الضفة والقطاع، فضلاً عن أنه يضع كل فصائل المقاومة في خانة واحدة بما في ذلك "فتح" و"الجبهة الديمقراطية والشعبية" و"الجهاد" و"حماس". وإذا كان اتهامه لـ"حماس" بأنها تصادر إرادة الشعب الفلسطيني، فإنه قد وقع في الاتهام نفسه عندما أخذ يتحدث باسم هذا الشعب دون أن يعطيه أحد تفويضاً واحداً بذلك.
الأستاذ يوسف يقول إن تحرير فلسطين مرهون بالدبلوماسية، فأين ذهب بجهاد عبد القادر الحسيني وأمين الحسيني وعز الدين القسام وياسر عرفات وأحمد ياسين وكل الشهداء؟ وهل إن الانسحاب من غزة كان ليتحقق لولا جهاد ودماء أولئك القادة والمجاهدين؟
وائل نجم – بيروت