المناورات الصينية- الروسية التي جرت خلال الآونة الأخيرة، تؤكد على أن ثمة توجهاً جديداً في سياسات موسكو وبكين يصب في التحليل الأخير في اتجاه تدشين شراكة استراتيجية يحتاجها الجانبان لموازنة النفوذ الأميركي في شمال شرق آسيا. الولايات المتحدة قلقة جداً من هذه المناورات التي تمت للمرة الأولى بين دولتين كانتا حتى وقت قريب خصمين من الناحية الأيديولوجية. ما يبعث على القلق الأميركي هو أن الأقطاب الإقليمية في آسيا بدت تدرك خطورة النفوذ الأميركي المتنامي في شرق وشمال شرق آسيا، وأن الحرب الأميركية على الإرهاب ربما تكون حجة لنشر قواعد أميركية في آسيا الوسطى وفي شرق القارة، وهو ما يخدم في النهاية الاستراتيجية الأميركية التي تبلورت قبل أكثر من خمس سنوات والمتمثلة في أن الاهتمام الاستراتيجي الأميركي سينتقل من أوروبا إلى آسيا.
صحيح أن للصين وروسيا أهدافاً مشتركة، لكن الولايات المتحدة، لا تخفي قلقها من أن يؤدي التعاون العسكري الصيني- الروسي إلى تكوين حلف عسكري جديد بين قوتين تتمتعان بحق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن الدولي، ولديهما مؤهلات ضخمة ترشحهما للعب أدوار خطيرة على الساحة الدولية، وهو ما قد يضرب الأحادية الأميركية في مقتل.
الحرب الباردة انتهت، لكن يبدو أن ثمة حرباً باردة من نوع جديد، وهي ما يمكن تسميتها مجازاً بأنها حرب باردة قيد التشكل بين روسيا والصين من جهة، والولايات المتحدة وحلفائها في شمال شرق آسيا من جهة أخرى.
عماد محمود- أبوظبي