تحت عنوان "أزمة الدستور العراقي" نشرت "وجهات نظر" يوم الأحد الماضي، 21 أغسطس 2005، مقالاً للدكتور شملان يوسف العيسى، وبعد مطالعتي لهذا المقال، أتفق مع الدكتور شملان فيما ذهب إليه من أهمية التروي في إعلان مسودة الدستور العراقي التي انتهت اللجنة المكلفة من صياغتها وقدمت إلى الجمعية الوطنية العراقية لاعتمادها خصوصا وأن دولاً كبرى ذكر منها الولايات المتحدة ذاتها وألمانيا قد استغرقت سنوات حتى توصلت إلى الصياغة النهائية للدستور. وفي الحقيقة أنني لا أدري سبب الاستعجال في مسألة تقديم مسودة الدستور، وأرى أن هناك ضغوطاً من جانب الولايات المتحدة على الحكومة وعلى أعضاء لجنة صياغة الدستور لاستكمال تلك المسودة بأي صورة من الصور، حتى يُتاح لها - أي واشنطن- أن تقدم دليلاً جديداً على أن العملية الديمقراطية المزعومة في العراق تسير في طريقها المرسوم، كي تتمكن من مواجهة الضغوط التي تتعرض لها على الساحة الداخلية وعلى الساحة الدولية أيضا، بسبب المأزق الرهيب الذي تواجهه واشنطن في بلاد الرافدين.
أتفق مع الدكتور شملان أيضا في تأييده لآراء الأكاديميين العراقيين المتخصصين المتمثلة في أن الوقت الحالي ليس هو الوقت المناسب لإقرار دستور عراقي، فالحكومة العراقية يسيطر عليها الآن الأكراد والشيعة. فرئيس الجمهورية كردي ووزير الخارجية كذلك، ورئيس وزرائها شيعي، والأكراد يسعون على الرغم من بعض التصريحات المتناثرة إلى إقامة دولة كردية مستقلة في شمال العراق، والشيعة يسعون إلى شيء مماثل في الجنوب، كما يسعون إلى إقامة حكومة دينية على النمط الإيراني. فأي محاولة الآن لفرض دستور عراقي يتجاهل حقوق السُنة، لن تساهم سوى في تعميق الكراهية بين أبناء الشعب العراقي الواحد، الذي ابتلي، لسوء حظه، بقيادات حزبية تعمل على ترسيخ التفرقة الدينية والقومية والطائفية حتى وإن ادّعت غير ذلك.
حسن الصنهاجي- الدار البيضاء