رأيي الشخصي كقارئ في مقال الدكتور أحمد البغدادي "العاجزون" المنشور في وجهات نظر أمس الثلاثاء، هو أن إحساس الدكتور العالي بالهم العربي الإسلامي ورغبته الأكيدة في أن نقلع بمجتمعاتنا العربية في حالة نهوض حقيقية هما ما يدفعه إلى تجشم عناء كتابة هذه المقالات اللاذعة، وإلى الدفاع عن أطروحات تبدو صادمة وقارصة في وخزها النقدي لنا كقراء عرب تعودنا ثقافة "كله تمام" و"ماشي الحال" و"الوضع مستتب" إلى آخر تلك الإكليشيهات المخدرة التي ربما يكون شيوعها في حد ذاته تعبيراً عن أزمتنا النهضوية المستديمة، إن لم يكن سبباً أصلاً من أسباب تلك الأزمة. غير أن حسن ظني بالدكتور وتأوُّلي لمقاصده على أحسن ما ينبغي التأوُّل، كما أمرنا بذلك ديننا الحنيف، لا يمنعاني من أن أنبهه إلى أن ثمة فرقاً بين النقد البناء الذي نحن بأمسِّ الحاجة إليه وبين جلد الذات والمبالغة في شتم العقل العربي والحضارة الإسلامية. وكلمة "شتم" تتأتى هنا تجاوزاً طبعاً، من السياق التعميمي الجارف الذي يطبع أحكام الدكتور البغدادي عند حديثه عن مساوئ "كل" ما هو عربي، و"كل" ما هو إسلامي (نسبة إلى الإسلام لا إلى الإسلامويين السياسيين). وأعتقد أن مقال الدكتور كان سيربح كثيراً لو خسر قليلاً من التعميمات الجارفة والصفات المرسلة في كلا الاتجاهين، اتجاه جلد الذات العربية، واتجاه المدح غير الموضوعي في المقابل لكل ما له صلة بالعقل الغربي، لأن الغرب أيضاً مثلنا له مساوئ مثلما له حسنات، وهذه سنة الحياة، أن تكون العبقرية والإبداع هما أعدل شيء قسمة بين الناس، بحيث تأخذ كل أمة منهما بنصيب.
شاهين سعيد خليفة - دبي