يوم أمس الأحد نشرت "وجهات نظر" مقالاً للمحلل السياسي "ويليام فاف" حذر خلاله من نصائح وزير الخارجية الأميركية السابق هنري كسينجر، والتي يرى خلالها أن "سحب القوات في غياب نصر مؤزر سيؤدي لا محالة إلى هزيمة". كسينجر يريد من الولايات المتحدة أن تبقى في العراق حتى تحرز نصراً مؤكداً على المتمردين، لكن هذا النصر من الصعب تحقيقه في ظل المواجهة غير التقليدية التي تتسم بها إدارة الصراع العسكري بين الجيش الأميركي وعناصر التمرد العراقية. ويبدو أن كسينجر، الذي عمل مستشاراً للأمن القومي، تهمه صورة أميركا، ويرغب في عدم تكرار سيناريو فيتنام، لكن قواعد اللعبة الدولية تغيرت، وأصبحت الحروب غير تقليدية، لا سيما وأن الإرهاب العالمي دخل على الخط، وجعل من الصعب تطبيق استراتيجية ناجعة لاحتواء خطر الإرهاب. نظام صدام سقط في أيام معدودة، لأن الحرب ضد الجيش العراقي كانت حرباً تقليدية بين خصم ومواقع معروفة. أما الآن، فإن جهود الجيش الأميركي وقدراته الفائقة تتبدد في غرب العراق ووسطه، لأن المواجهات الحاصلة هناك تتم بين قوة نظامية وعدو غير تقليدي أشبه بالميليشيات الخفية وحرب العصابات.
وبغض النظر عن نصائح كسينجر، فإن إدارة بوش غير جادة في الانسحاب من العراق، وتحاول أن تسلط الضوء الآن على إنجاز الدستور ضمن محاولات مستميتة لاستكمال العملية السياسية في العراق الجديد. إن الانسحاب من العراق سيضع القوى السياسية في بلاد الرافدين أمام تحد حقيقي، وليس من المنطقي التهويل من خطر الانسحاب، بالقول إنه سيؤدي حتما إلى حرب أهلية عراقية، لأن الانسحاب الأميركي من بلاد الرافدين هو النهاية الحتمية والواقعية أيضاً لهذه الحرب الاستباقية الأحادية.
أيمن مسعود- العين