في العراق، تحولت فجأة مسألة الفيدرالية إلى موضوع لجدل ساخن ومتفجر بين أطراف توشك أن تصطدم فيما بينها نتيجة الخلافات والتباينات في مواقفها إزاء ذلك الموضوع! وكان الزعيم الشيعي عبد العزيز الحكيم هو من فجر الصراع الحالي حين طالب في خطاب له قبل نحو أسبوعين بإقامة إقليم فيدرالي للشيعة في الجنوب وجزء من الوسط، مؤكدا على مبدأ الفيدرالية الذي طرحه الأكراد منذ نحو عامين كمطلب "إلزامي" و"غير قابل للتفاوض"!
إلا أن الدعوة الحالية إلى إقامة فيدرالية عراقية، تثير الكثير من الشك والريبة، كما عبرت عن ذلك قوى وشخصيات وطنية عديدة؛ فالعراق بلد مضطرب وغير مستقر ورازح تحت الاحتلال الأجنبي، وهي حالة تتضمن احتمالات حقيقية للتقسيم وفقدان الاستقلال الوطني، خاصة أن بعض القوى الطائفية التي تعمل وفق أجندة غير وطنية لها طموحاتها المتنامية للانفصال بأقاليم معينة ومن ثم تفتيت الوحدة الترابية للوطن العراقي! وكشفت تلك القوى عن نواياها حين راحت تعبىء السكان المحليين في بعض المناطق وتعدهم بأن يكون بترولها لهم وحدهم!
إلى ذلك فإن التاريخ لم يذكر لنا حالة واحدة قام المستعمرون فيها بتوحيد مستعمراتهم، وإنما كانوا يجزئونها الى وحدات تفصلها حدود وحواجز، وليس الوجود الأميركي في العراق استثناء من ذلك التاريخ الاستعماري الذي صنعه الأوروبيون في قارات آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية!
وفوق هذا كله لا يمكن للعراقيين أن يقبلوا الفيدرالية أو أي نظام آخر تحت حراب الميليشيا الحزبية المسلحة، وفي ظل الاحتلال الذي يريد أن يجعل العراقيين يوافقون طوعا على قراراته في تقسيم وطنهم تحت مسمى مريب هو الفيدرالية!
محمد عزمي- البحرين