الانسحاب من غزة خطوة استثنائية بكل المقاييس، ومن المهم البناء عليها، ودفع عملية السلام إلى مرحلة جيدة لاسترداد الأراضي الفلسطينية المحتلة. اللافت أن هناك بعض المشككين في هذه الخطوة، وهؤلاء أسرفوا في الاستخفاف بها إلى درجة أن بعضهم يعتبرها مجرد إخلاء للمستوطنات ليس إلا. صحيح أن الانسحاب خطوة أحادية أقدمت عليها حكومة شارون من جانب واحد، لكن لابد من الاعتراف بأنها ستعطي الفلسطينيين بعضاً من الأمل في إمكانية تدشين دولة فلسطينية قابلة للحياة. موازين القوى لا تخدم مصلحة الإسرائيليين، ومن ثم يتعين على الشعب الفلسطيني تكثيف نضاله السياسي السلمي، كي يوصل الفلسطينيون رسالتهم إلى العالم، خاصة وأن تل أبيب تحاول اتهام الفلسطينيين، بأنهم إرهابيون. الدول العربية تستطيع استثمار الانسحاب من غزة في تدعيم فكرة إنشاء الدولة الفلسطينية، والتي من خلالها تستطيع السلطة الفلسطينية لعب دور محوري في إحلال الأمن داخل الأراضي الفلسطينية، وذلك كخطوة أولى لفرض السيادة الفلسطينية على الدولة الفلسطينية الجديدة.
انسحاب إسرائيل من غزة يرسم واقعاً فلسطينيا جيداً مكتظاً بالتحديات الجسام، منها الأمني والسياسي والاقتصادي، لذا يجب على الفلسطينيين الحفاظ على وحدة الكلمة، كي يثبتوا للعالم قدرتهم على حماية أراضيهم.
المطلوب الآن من المجتمع الدولي والعالمين العربي والإسلامي ألا يزايد على الشعب الفلسطيني، خاصة وأن هذا الأخير وصل إلى مرحلة من النضج السياسي، تجعله قادراً على اختيار ما هو أصلح وأنجع لحل مشكلات الفلسطينيين. المهم الآن أن ينتصر صوت العقل والمنطق على الخطاب المكتظ بالعنتريات والشعارات الفضفاضة، البعيدة كل البعد عن أرض الواقع، لأنه لم يعد هناك وقت يضيعه الفلسطينيون على هكذا شعارات واهية.
أسامة ربيع- العين