حدث أمس الأربعاء انفجار هائل وسط العاصمة العراقية بغداد وبالتحديد في منطقة النهضة التي يتوسطها كراج السيارات المؤدي إلى المحافظات الجنوبية، وقد أدى هذا العمل الإرهابي إلى استشهاد أكثر من خمسين مواطنا وجرح المئات، ولا ذنب لكل هولاء سوى أنهم عراقيون استسهل المجرمون استباحة أرواحهم دون رحمة أو وازع من ضمير. هذه العقول الظلامية التي لا تعرف العيش والحياة والتأقلم مع القيم الرفيعة التي يدعو إليها ديننا الحنيف وأعرافنا العربية الأصيلة.
قد تكون هذه العملية الإرهابية رسالة واضحة ودموية إلى الحكومة العراقية المنتخبة وإلى اللجان الدستورية المنكبة على كتابة الدستور العراقي الجديد مفادها عدم موافقة هذه الجهات المجرمة على المضي قدماً في العملية السياسية وإكمال الدستور وطرحه للتصويت حتى يتسنى بعدها المطالبة بخروج قوات الاحتلال. وأيضا في احتمال آخر قد تكون رسالة واضحة المعالم من بعض الجهات التي تريد أن تجمع بين التفجيرات والعمل السياسي لأجل الحصول على مكاسب معينة، كما هدد بذلك وبشكل واضح وصريح ومستفز، أحد المشتركين في إعداد الدستور، الذي قال في إحدى القنوات الفضائية العربية، وفي الليلة التي تم فيها التصويت في الجمعية الوطنية العراقية على تمديد فترة إعداد الدستور أسبوعاً آخر: "لن تشهد الساحة العراقية هدوءاً من التفجيرات والاضطرابات ما دام لم يؤخذ بمطالبنا التي نريدها في الدستور الجديد". وخطورة التصريح تكمن في أن البعض قد تعود على أن يجعل دماء كل العراقيين دون استثناء وسيلة مريحة وسهلة لجني مكاسب ومناصب سياسية في العراق الجديد. وفات عليه أن التاريخ والواقع الإنساني لن يرحم مثل هذه النماذج ولن تنجح معه مثل هذه التجارة الإرهابية الدموية، ولا مثل هذه الرسائل الجبانة.
محمد الوادي -كاتب عراقي- كوبنهاجن