رغم ما ترسمه تقارير الموارد البشرية في دولة الإمارات من صورة إيجابية حول تطور مساهمة المرأة في النشاط الاقتصادي، وزيادة نسبة مساهمتها في هذا المجال من 5.4% عام 1995 إلى نحو 16 % عام 2004، فإن هذه التقارير تشير بالمقابل إلى أن الفتاة الإماراتية هي الأكثر معاناة من داء البطالة حيث يقل نصيب المرأة في سوق العمل عن 27% تقريبا وفقا لإحصاءات هيئة "تنمية"، التي تشير أيضا إلى أن المواطنات يعانين معدلا كبيرا للبطالة يصل إلى 19.7% وهو رقم يمثل نحو 14 ألف مواطنة باحثة عن العمل تقريبا، في حين يبلغ معدل البطالة بين الذكور نحو 8% وذلك رغم التفوق العددي للخريجات المواطنات.
ولذا فإن تفاصيل الواقع تلفت الانتباه وتدعو إلى ضرورة التحرك من أجل تعزيز الجهود الرامية للاستفادة من طاقات المرأة في سوق العمل المحلية. والمؤكد أن أي جهود تبذل في هذا الإطار ينبغي ألا تتوقف عند النداءات والخطط التي لا تتجاوز حدود الورق الذي تسجل عليه، بل يفترض أن تتبنى الأجهزة الرسمية خطوات وبرامج أكثر فاعلية للتعامل مع البيروقراطية الوسطى في الهرم الإداري، حيث تنتشر أفكار نمطية مقولبة تحول في معظم الأحيان دون حصول الخريجات المواطنات على فرص عمل. فعلى سبيل المثال هناك مواطنات خريجات قسم الفيزياء الطبية من جامعة الإمارات يبحثن عن وظائف في المستشفيات، التي ترفض طلباتهن رغم ما تعانيه مستشفياتنا من عجز وقصور في الكوادر الفنية، وما يثار من هروب الكوادر الفنية القادمة من دول آسيوية إلى أوروبا تحت وطأة المغريات المادية، وأنهن يتخذن العمل في مستشفيات الدولة "محطة ترانزيت"، ومع ذلك تقابل طلبات خريجاتنا سواء بالتدريب المجاني أو العمل، بالرفض بسبب عدم امتلاكهن للخبرة اللازمة التي تتطلبها الوظيفة!! اللافت أن الخبرة العملية لن تتأتى في مجال مهني دقيق مثل الطب سوى بالعمل لمدد محددة تحت التدريب في المستشفيات، التي ترفض بدورها تدريب هؤلاء الخريجات وهكذا يدخلن في حلقة مفرغة لا أول لها ولا آخر وليس هناك أيضا حسيب أو مجيب يدفع عنهن شبح البطالة!.
بالطبع هناك الكثير من الأمثلة على هذه الحلقات المفرغة التي تهدر الطاقات البشرية لقوة عمل نسائية يفترض أن تكون قوة دفع هائلة لحركة التطور والتنمية، ولكن القوالب والعقول الجامدة والتفكير الآني الذي يستبعد المصالح الاستراتيجية للدولة، يلعب الدور الأبرز في تهميش قوة العمل هذه، مع ما ينطوي عليه ذلك من آثار سلبية تنال من حركة التقدم بدلا من أن تضيف إليها، واللافت أن هذه الممارسات تحدث في حين تتجه الشركات في دول متقدمة مثل اليابان إلى مزيد من الرهان على قدرات المرأة، فبعد استعانة عدد من الشركات اليابانية الكبرى بقيادات أجنبية اتجه بعضها الآخر إلى الاستعانة بقيادات نسائية فيما اعتبره الخبراء ثورة حقيقية في بلد يحتل الرجال فيه 90% من المناصب الإدارية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية