جاءت توقعات أوبك التي صدرت أمس بشأن تحسن النمو في الاقتصاد العالمي إلى 4 % لتؤكد تقديرات سابقة بأن الناتج العالمي الإجمالي سوف يشهد نموا خلال العام المقبل وهو مايعني أن الاقتصاد الدولي استوعب صدمة القفزات التي طرأت على أسعار النفط هذا العام واستطاع هيكلة تكاليفه في ظل الأسعار الجديدة بما يسمح باستمرار النمو حتى فوق المعدلات التي تحققت هذا العام بنسبة لاتقل عن نصف في المائة ، وبالرغم من هذا المؤشر الإيجابي إلا أن قضية النفط وأسعاره التي استحوذت على اهتمام الكل طيلة الفترة الأخيرة يتعين أن تجد لها مخرجا استراتيجيا بمساعدة كل أطراف السوق ، وخلال الشهور الماضية برهنت أوبك على تفهمها للدور الذي يلعبه النفط كمحرك للنمو ووقود للحضارة ودفعت بكل طاقتها الإنتاجية نحو السوق للحد من ارتفاع الأسعار وتلبية احتياجات السوق المتنامية بقدر مايتوفر لها من طاقة دون النظر لأية مكاسب قصيرة الأجل قد تتحقق من وراء الارتفاعات المتتالية في سعر البرميل · الآن أصبح معلوما للجميع أن مشكلات السوق تقع بالأساس في جانب الطلب، وفضلا عن مشكلات التكرير والتصنيع التي تعاني منها الدول الغربية لاسيما الولايات المتحدة ''أكبر مستهلك للنفط في العالم '' فإن العالم يبدو وكأنه فوجئ بالزيادة الرهيبة في الطلب خاصة من الدول البازغة كالصين والهند وبعض الدول الأفريقية التي تنمو اقتصادياتها بوتيرة متسارعة وغير متوقعة وهو ماكان له أثره في قلب الحسابات داخل السوق الذي اضطرب توازنه التاريخي لأسباب في معظمها خارجة عن إرادة اللاعبين الرئيسيين فيه، ومما يزيد الأمر تعقيدا تلك التوقعات التي تتحدث عن تراجع إنتاج الدول النفطية من خارج أوبك بحوالي 148 ألف برميل يوميا خلال العام الجديد ليصل إلى 51.5 مليون برميل يوميا وهو ماسيؤدي إلى زيادة الطلب على نفط أوبك بحوالى 170 ألف برميل يوميا فوق الأرقام المقدرة سلفا بما يزيد قليلا عن 29مليون برميل يوميا ·
إن هذه المؤشرات بجانب العديد من التفصيلات الأخرى تدعو بقوة إلى البحث عن حلول جذرية للأزمة، وإن كان البحث في إيجاد مصادر بديلة للطاقة مازال في إطاره النظري والمعملي فلا سبيل الآن سوى السعي نحو تنمية احتمالات التنقيب المتاحة وهذا يحتاج إلى استثمارات ضخمة وهذه الاستثمارات بدورها تحتاج إلى عوائد منطقية تتطلب اسعارا جديدة للنفط غير تلك التي اعتاد عليها العالم لسنوات طويلة خلت وهنا مربط الفرس من أجل هذا يبدو معقولا ماقاله وزير البترول المصري أمس إن أزمة الأسعار تفوق قدرات وزراء النفط وشركاته وتحتاج إلى تدخل الحكومات·