نحن اليوم أمام حالة عراقية، تتطلب مشاركة ومساهمة أبناء الشعب العراقي، في كل القضايا التي سترسم ملامح عراق ما بعد الديكتاتورية. إن الحوارات والنقاشات حول كتابة مسودة الدستور العراقي الدائم، خرجت من إطار اللجنة الدستورية، التي لم تستطع بعد أيام من اللقاءات، التوصل إلى حل النقاط الخلافية العقدية، مثل اسم الدولة العراقية وآلية الفيدرالية والدين والدولة والمرأة وحقوقها...الخ، وتحولت إلى قادة الكتل البرلمانية والسياسية باعتبارهم من يملك (مفاتيح) الحل وخاصة الكتل الكبيرة في الجمعية الوطنية العراقية، وهم القادرون على حلها من خلال العملية التوافقية والتي تكون أساسا ما بين قائمتي الحكومة، الائتلاف العراقي الموحد والتحالف الكردستاني، والتي ترضي الجميع كما يقولون!
أصبحت التصريحات الإعلامية اليومية لبعض ساسة العراق وقادته اليوم أكثر من فعلهم اليومي، وهؤلاء أدخلوا عملية كتابة مسودة الدستور في دهاليز ومتاهات أخرى، لا تخدم وحدة الوطن بل تغرقه بالطائفية بأشكالها المختلفة. و تصريحات بعض هؤلاء الساسة تؤكد ذلك، وتزيد من تكريس المفاهيم الطائفية التقسيمية والمناطقية وترسخها أيضا، كشيعية المنطقة الجنوبية وكردية المنطقة الكردستانية وسنية المنطقة الغربية، وهكذا يختزل العراق المتنوع بمكوناته وأطيافه الجميلة.
ومن حقنا أن نسألهم: منْ خولكم أن تتحدثوا باسم كل العراق وأهله بهذه المفاهيم والأفكار التي تُجزئ ولا تُوحد؟
وما مصير العاصمة بغداد والموصل وديالى، وغيرها من مدن العراق ومحافظاته في (مناطقكم) الطائفية الجديدة هذه؟ وهل سمعتم صوت الشعب العراقي وماذا يريد، حتى تصرحوا باسمه بفيدرالية الجنوب الشيعية، وليس كفيدرالية إدارية أو جغرافية للجنوب أو لغيره من المناطق الأخرى ضمن العراق الموحد؟ وهل تدركون أن أغلبية العراقيين يرفضون ولا يريدون الكيانات الطائفية بديلا عن عراق واحد؟ وأن سكوت الأغلبية من أبناء شعبنا في الوقت الراهن، لا يعني بالضرورة أنها راضية عن كل شيء، بل إنها تنتظر النتائج والقرارات، التي ستصدر من اجتماعات ساسة وقادة العراق وكل المعنيين بذلك، وبعد ذلك ستسمعون صوت الشعب العراقي، وسيقول حتماً كلمته بكل وضوح كما عودنا من قبل.
حمزة الشمخي - كاتب عراقي