لم يكن الرد الإيراني على قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية مفاجئا لأغلب المراقبين؛ ذلك أن إعادة استئناف العمل في المعمل النووي الإيراني بأصفهان وفك أختام الأمم المتحدة على تلك المنشأة الضخمة، كان تحديا ونكوصا من جانب طهران عن التزاماتها السابقة في هذا الشأن، بل إن اجتماع محافظي الوكالة الذي تم نهاية الأسبوع الماضي، وكان بهدف البحث في سبل التعاطي مع الملف النووي الإيراني، جاء ردا على ذلك الإجراء الذي يعد استفزازا للإرادة الدولية. لكن الموقف الإيراني الجديد ليس معزولا عن تطورات السياق الداخلي، بما في ذلك عودة "المحافظين" إلى سدة السلطة التنفيذية في طهران، فيما ظلوا يحكمون قبضتهم على باقي مفاصل القوة الأخرى في الدولة، كما لا ينفصل عن تطورات الحالة العراقية بما عرفته من هيمنة للقوة الموالية لإيران. وإن كان الجانب الإيراني مارس استفزازات مشابهة في مرات سابقة، مستغلا أجواء الخلاف بين واشنطن وبعض العواصم الأوروبية، فإنه يكرر السلوك ذاته الآن مستخدما ورقة القوى الموالية للمرجعية الدينية الإيرانية في العراق لشراء الصمت الأميركي بهذا الشأن!
ولعل شواهد كثيرة تؤكد الآن أن ما يقال علنا حول العلاقة بين طهران وواشنطن ليس مطابقا بأي حال من الأحوال لما يجري فعلا تحت الأرض في تلك العلاقة! لذلك يمكن أن نفهم تماما لماذا لم يظهر الإيرانيون أي اكتراث بالتهديدات الأميركية حول إحالة القرار النهائي بشأن منشآتهم النووية إلى مجلس الأمن الدولي ومن ثم تعرضهم لعقوبات دولية محتملة! هكذا إذن لا تبدو التهديدات الأميركية فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني جدية، ولا تبدو الالتزامات الإيرانية أيضا في الشأن ذاته مخلصة! إنها لعبة آن لها أن تنتهي!
ماجد عمر بليلي- المغرب