"الداعية" المُدعي عاد لينتشر، عمر بكري -اسمه- كالنار في الهشيم، صحف بريطانيا تروي قصته وتنبش خفايا وزوايا حياته، وصحف بيروت تلهث وراءه... إلى أن يقرر هو الكلام. وعندما يتكلم، ينطق كذباً وخبثاً وضلالاً مبيناً.
سوري أم لبناني؟ صنيعة الاستخبارات والإعلام البريطاني أم صنيعة من استخدموا الإسلام مطية، وهذا الدين الطاهر منهم براء؟
عمر بكري الذي أضيف إلى اسمه، اسم عائلة فستق الحلبية الأصل، بات فجأة الشغل الشاغل لبريطانيا وبيروت، والرجل الذي "هرب" من زحمة الإعلاميين الذين يطوقون منزله في ضواحي لندن، ومن رجال الشرطة الذين فتشوا ذلك المنزل... "هرب" إلى "حضن البلد" كما أسماه، ألقي القبض عليه بعد أول حديث متلفز له، وهو في طريقه من تلفزيون "المستقبل" إلى تلفزيون "الجزيرة".
... وشتان بين عمر بكري الذي ظهر في تلفزيون "المستقبل" وبين "عنترة بن شداد بكري" الذي كان يظهر على شاشات "سكاي نيوز" و"سي. إن. إن" والـ"بي. بي. سي". ذُهلت وأنا أشاهد في بيروت رجلاً بلباس عربي عادي، مسالماً، لا تشع عيناه بالحقد بل بالكذب، رجلاً ربما ينسى أن هنالك من يحفظ كلامه وحركاته وإساءته للإسلام والمسلمين، وهو يخيف الغرب بما يتفوه به عن الإسلام.
عمر بكري الذي رسم عن الرجل المسلم صورة بشعة، مستفزة، تُرى لماذا تخلى عن الجلباب الأبيض والكوفية البيضاء واللحية الطويلة -أدوات النصب "الإسلامي"- التي كان يخيف بها أهل بريطانيا وتحديداً المسلمين منهم؟
خرج علينا بكري في بيروت كالدجاجة الفرحة بعودتها إلى "قن" البلد. إلا أن من عرفه في لندن أدرك كم هو متأزم وكم هو هارب وكم أنه متورط.
كذب بكري جهاراً عندما قال إن لا علاقة له بـ"القاعدة" وإن "القاعدة" كجماعة غير موجودة، وإن لا علاقة له بابن لادن، وإنه يدين تفجيرات نيويورك ومدريد وبريطانيا... كما يدين تفجيرات العراق وأفغانستان.
كذب بكري، لأن كل الناس تعرف أنه كان يقيم سنوياً احتفالاً بمناسبة ذكرى "غزوة مانهاتن"، وأنه كان يسمي الإرهابيين الـ19، "العظماء التسعة عشر".
كذب بكري عندما قال يوم وصوله إنه عائد إلى بريطانيا بعد 4 أسابيع، ثم قال أمام عشرات الآلاف من المتفرجين، إنه لن يعود إلى بريطانيا وإنه اشتاق إلى "الوطن" -لبنان-.
كذب بكري عندما قال إن الإعلام البريطاني-الصهيوني يلاحقه ويشوه سمعته ويحاصره، في حين أن الإعلاميين العرب في بريطانيا يعرفون أن بكري هو من سعى للإعلام البريطاني، وبالتالي بات صنيعة هذا الإعلام. فلسنوات، وكلما جاء الحديث عن "الإرهاب الإسلامي" أو "الدعوة الإسلامية" كانت الشخصية الأساسية المطلة من التلفزيونات البريطانية صورته المستفزة التي زادت في تشويه "الإسلام" ومفاهيمه، وساهمت في أن يفهم الغرب أن الإسلام الحقيقي هو "إسلام" بكري وبن لادن ومن جرّ جرّهما.
هرب عمر بكري فستق من الاعتقال والترحيل البريطاني، تاركاً عائلته -زوجة وسبعة أطفال- في رعاية التاج البريطاني الذي صرف عليه وعلى عائلته أكثر من ربع مليون جنيه أسترليني طيلة إقامته...
فأهلاً به في "جنة" الأمن اللبناني، درس لمن يعتبر. ولعل الدرس الذي سيرسخ في ذاكرته أن "جهنم" اسكوتلانديارد أرحم... أرحم... أرحم.