يعيش العراق اليوم حالة من التخبط في جميع المجالات، ومنها ضعف مركزية الحكومة العراقية الحالية وعدم قدرتها على بسط سلطاتها المشروعة على كافة مناطق العراق. وأن هناك بعض الكيانات والأحزاب والقوى والمنظمات، وخصوصا من التي ينتمي بعضها للإسلام السياسي، تنشط وتعمل وتتحرك في مناطقها، وكأنها حكومة بديلة أخرى للحكومة العراقية. حيث تمتلك هذه "الحكومات العراقية المصغرة"، كل الصلاحيات وإصدار القرارات وحق اعتقال المواطنين وسجنهم وحتى إصدار الأحكام المجحفة بحقهم، وبالتالي معاقبتهم وفق "قوانين" خاصة بهذه "الحكومات".
وإن من صلاحياتها كذلك وعلى سبيل المثال لا الحصر، معاقبة الحلاقين الذين يقصون الشعر على الطريقة الحديثة وتصل عقوبتهم حتى الموت فوراً في محلاتهم، والأمثلة كثيرة على ذلك، وهذه العقوبة نفسها توجه إلى أصحاب المحلات التي تبيع أشرطة الموسيقى والأغاني بكل أنواعها، ويتم تفجيرها وحرقها إذا لم تتقيد وتلتزم بالقرارات الصادرة من قبل هؤلاء، لأنها تعتبر من الجرائم والمحرمات، والتي لا تسمح بها هذه "الحكومات المصغرة".
وتتدخل هذه "الحكومات" تدخلاً سافراً حتى في حياة الناس الشخصية، بما فيها طبيعة ملابسهم وفرض الحجاب بالقوة على النساء والبنات الصغيرات، ومنع ارتداء بنطلون الجينز من قبل الرجال، والاعتداء على كل من لا يلتزم بهذه القرارات ومعاقبته، من قبل سلطات وأزلام هذه الحكومات المنتشرة في أغلب مناطق العراق.
وإن آخر ما أصدرته هذه "الحكومات"، من قرارات "قراقوشية" ويجب أن تنفذ بسرعة، هو منع بيع "الآيس كريم"، في المحلات، وكذلك سيعاقب كل من يبيعها أو يتناولها أشد العقوبات، لأنها من المحرمات!. هذه المهمة من أولويات أي حكومة في هذا الكون، وإلا ستتحول حياة المواطنين إلى جحيم يومي بسبب تصرفات وأعمال هذه المجاميع الخارجة عن القانون، والتي تمارس أبشع الأعمال بحق الناس، وهو التدخل في شؤونهم الشخصية الخاصة والاعتداء عليهم وسلب حريتهم فمتى ستتمكن الحكومة العراقية من بسط نفوذها على كل العراق للحفاظ على المواطنة العراقية؟.
حمزة الشمخي - كاتب عراقي