لقد ابتليت الأمة الإسلامية في سنواتها الأخيرة بوفاة كوكبة من القادة والعلماء والمصلحين، ولئن غابت صور هؤلاء عنا فإن مآثرهم وآثارهم شاهدة عليهم. فرصيد المرء في هذه الحياة ما قدمه لدينه ووطنه، حتى إذا ما فارق الحياة بعث الله الحياة في أعماقهم لتدوم ذكرى هؤلاء المصلحين.
وما رحيل الملك فهد بن العزيز رحمه الله، وقبله بشهور المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، إلا مصاب جلل أُصيبت به أمتنا العربية الإسلامية. هذان القائدان إنما مجدتهما أعمالهما وإنجازاتهما، فقيام دولة الإمارات العربية المتحدة وتأسيس مجلس التعاون الخليجي وخدمة الحرمين الشريفين وخدمة الأمة في قضاياها الكبرى كقضية القومية والوحدة لهو أعظم مجد يخلد ذكراهما.
وعلى المفكرين وعلماء الاجتماع أن يكتبوا في فكر هذين القائدين المصلحين كي تسير الأجيال على نهجهما، وكي يدرك الجميع أن تقييم أي إنجاز، إنما يكون في أبعاده الثلاثة الزمان والمكان والظروف المحيطة. فلاشك أن من جنى الزرع والثمار في أرض صحراوية قاحلة ليس كمن يقطف الثمار على ضفاف الأنهار. ومن ساد في بلده الأمان ليس كمن طلبه بأبهظ الأثمان، ومن وفر لشعبه السلام ليس كمن يحتاج إلى وصاية وقوات حفظ السلام! ومن دعت له القلوب في الصلوات ليس كمن احتاج إلى جمع الأصوات.
علي طراري - رأس الخيمة