يوفر امتلاك بلد ما لموارد نفطية مصدر رخاء اقتصادي، عادة ما يدعم الاستقرار السياسي والأمن الاجتماعي، كما هو عليه الحال في الحالة الخليجية مثلاً، لكن عدة بلدان أفريقية قدمت مثالاً عكسياً على تلك العلاقة! بل إن الحالة الأفريقية في مجملها تمثل استثناء واضحاً من القاعدة؛ فنيجيريا التي تعد أغنى بلد بالنفط في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، لم تخل منذ استقلالها أواسط القرن الماضي من قلاقل واضطرابات عرقية واجتماعية وطائفية، يعود جزء كبير من أسبابها إلى الصراع الداخلي على امتلاك عائدات النفط والتحكم فيها. أما أنجولا التي تعد دولة ذات موارد تفيض كثيراً عن حاجات سكانها بفضل احتياطياتها وإنتاجها من النفط، فقد عانت من أطول حرب أهلية في القارة، حيث اشتعل الصراع الداخلي فيها عقب استقلالها عن البرتغال مباشرة ولم يضع أوزاره إلا منذ سنتين، وكان هو أيضاً يجد بعض عوامله في الثروة النفطية الضخمة، والتي تقاتلت حولها قوى إثنية واجتماعية عديدة طوال 20 عاماً. وقد اكتوت الكاميرون وسيراليون هما أيضاً بنيران الاضطرابات الداخلية التي لم تخل من عوامل للنزاع حول عائدات النفط. وبالقدر نفسه مثل الألماس والذهب والعاج، مصادر أخرى للحروب الداخلية في كل من الكونغو الديمقراطي وسيراليون وغانا. وإذا كانت تشاد التي بدأت استخراج النفط من حقول في صحرائها، حيث يضخ من هناك عبر أنابيب لتصديره من موانئ الكاميرون، تشهد تمرداً مسلحاً منذ سنوات، فإن اكتشاف النفط والبدء بإنتاجه لم يخفف من التمرد، بل تنامى بشكل ملحوظ وزادت شوكة "الحركة التشادية للديمقراطية والعدل" حدة خلال السنوات الأربع الماضية.
فهل تعني التقارير التي تتحدث عن "محيطات" من النفط في أفريقيا الغربية، أن هذا الجزء من القارة سيغرق في بحار من الدماء؟ السؤال معلق بالسياسة وبنزاهة أداء السياسيين في دول المنطقة.
جوهر عادل صديق - السودان