نسبت صحيفة "الاتحاد"، مؤخراً، تصريحات إلى من وصفته بمصدر مسؤول في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، أن الوزارة قررت توطين مهنة مندوبي العلاقات العامة في القطاع الخاص في خطوة ينتظر من ورائها استيعاب نحو 3 آلاف مواطن من الباحثين عن العمل، ومنحت الوزارة المنشآت مهلة حتى نهاية العام الجاري للقيام بتعيين وتدريب مواطنين في مجال العلاقات العامة. وهذا القرار يستحق الإشادة لكونه يصبّ في اتجاه التوطين الذي يرتكز على قرارات نوعية تعكس توظيف وزارة العمل لصلاحياتها في خدمة أهداف السياسة العامة، خصوصا أن هناك العديد من المهن التي يتوافر لها المئات من شبابنا القادرين على أدائها بكفاءة لا تقلّ عن الكوادر الوافدة، ولكن ما يلفت الانتباه ويثير الدهشة في هذا التوجّه أن "مصدر الوزارة" قد برّر قرار التوطين بأن مهنة مندوب العلاقات العامة مهمّة بالنسبة إلى الشركات -وهي كذلك بالفعل- وتحمل أسرار المنشأة كافة، وأن مهنة المندوب من "الوظائف السهلة" التي لا تحتاج إلى كثير من الجهد أو الخبرة!
وبالطبع يصعب القول بغير ما سبق أي القول بأن مهنة المندوب من المهن الشاقة ذات الطبيعة التخصّصية، ولكن ما يلفت الانتباه هو الفكرة القائمة على توطين ما يسمى بـ"الوظائف السهلة"، فرغم أن كثيراً من الشباب بات يتوق إلى أي وظيفة، بغضّ النظر عن جدل المسميات والتصنيفات هذا، فإن من الضروري أيضا التنبيه على سلبيات تكريس مثل هذه الأفكار النمطية عن وظائف بعينها، خصوصا أن مستوى تخصّصية الوظائف وبالتالي ما تحتاجه من مشقّة بدنية أو ذهنية تعامل من منظور التقدير المادي والمعنوي وفقاً لسلم الأجور والرواتب. ولذا ربما يكون أحد جوانب خطأ ما تعلنه الوزارة من دوافع أو تبريرات لسياستها في توطين هذه الوظيفة أن هذه الدوافع تسهم في تكريس اعتقادات شائعة وصور نمطية سلبية متداولة حول وظائف بعينها قد يكون من بينها مهنة "المندوب" أو "السكرتير" وغير ذلك من وظائف. وبالطبع لسنا ضد التوطين بل من أشدّ مؤيّديه وفي مقدّمة الداعين له شريطة أن يكون التوطين سياسة نوعية مدروسة شاملة للقطاعات كافة، خصوصاً المحورية والسيادية منها، ولا تركّز فقط على مجموعة "الوظائف السهلة" التي يمكن أن تضيف أعباء عددية من العمالة الوافدة ولكنها لا تؤثر عملياً في سيادية القرار الوطني واستقلاليته في أي من المؤسسات والدوائر وحتى الشركات الخاصة. وبالطبع أيضاً ندعم أي خطوة لتوطين أي وظائف سواء كانت العلاقات العامة والمندوبين أو وظائف السكرتارية وغيرها من الوظائف الإدارية ولكن من الضروري بموازاة ذلك أن ندعم ونعزّز أي جهود تبذل في إطار تدريب الخرّيج المواطن وتأهيله لشغل وظائف تخصّصية وامتلاك قدرات ومهارات عملية عالية تعزّز فرصه في سوق العمل، فرغم تزايد معدلات البطالة ولو بنسب ضئيلة، فإن قلة مواردنا البشرية تدفعنا إلى تعظيم مردودها وحجم مشاركتها في الاقتصاد الوطني.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية