حاول معارضو الحرب الأميركية- البريطانية على العراق تضخيم الفشل الذي منيت به قوات الدولتين، رغم أنهما استطاعتا إسقاط نظام صدام حسين وإحكام احتلالهما لبلاد الرافدين، لكن ما يبدو مثالاً على فشل حقيقي إلى حد بعيد، إنما هو طريقة تعاطي الأمن البريطاني مع أحداث لندن و "توابعها" خلال الأسابيع الأخيرة. فقد تميزت تلك الطريقة بتخبط غير مسبوق، بدءاً بالإعلان المتسرع من رئيس الوزراء توني بلير حول مسؤولية "التطرف الإسلامي" عن تفجيرات شبكة الأنفاق والقطارات، مروراً بالتضارب الواسع في المعلومات المقدمة من جانب قادة أجهزة الأمن والاستخبارات، إلى الاتهامات العشوائية ضد بعض الأبرياء، وآخرا ليس أخيراً عمليات القتل العشوائي على أيدي الشرطة.
وقد تم الإخفاق حتى في تحديد المنفذين الحقيقيين ومن يقف وراءهم، إذ كل ما هناك حتى الآن هو افتراضات اتهام غير مبرهنة! فهل من المعقول أن دولة عريقة في أنظمتها الأمنية والاستخباراتية، مثلما هي عريقة في نظامها البرلماني والدستوري، على غرار بريطانيا التي كانت إمبراطورية كبرى ذات يوم، تعجز عن لم الخيوط والارتباطات وراء جريمة وقعت في قلب عاصمتها لندن؟! وما هي دلالات ذلك العجز؟ وهل هو أقل أهمية بأي مقياس من العجز والإخفاقات الحاصلة في العراق؟! إنه على كل حال تخبط في لندن ذاتها!.
أحمد شعيب- باريس