لا يقتصر أمر العلاقات الشائكة بين رجال الأمن والصحافيين على دول العالم الثالث فقط، بل إن هذا الملف الشائك يؤرق الدول التي تعتبر نفسها منبراً للحريات والديمقراطية. وما زالت الخطوط رمادية بين ما يمكن أن تفرضه الجهات الأمنية على الصحافة، وإلى أي مدى يمكن أن تتدخل ذراعها وبين رسالة الصحافة ضمن الوسائل الإعلامية الأخرى التي يعتبر المدافعون عنها أنها يجب أن تكون منبراً مستقلاً ومحايداً عن أي منبر آخر، وأن تتمتع بالنزاهة المطلقة بحيث تكون عين الرقابة المسؤولة، مما يجعل من السلطة الرابعة أداة ضاغطة تقوم بالتأثير في الرأي العام وبالتالي في التشريعات التي تخدم مصلحة الأفراد والدولة معاً.
حصلت مواجهات عدة في دول مختلفة في العالم في الفترة الأخيرة بين رجال الصحافة ورجال الشرطة من حيث اختلاف في وجهات النظر، حيث تنظر السلطات الأمنية إلى تشريعاتها على أنها حماية للمجتمع، بينما ينظر إليها الصحافي على أنها تعدٍّ على اختصاصه أو نوع من إدراج الصحافة لخدمة السلطات.
آخر هذه السجالات طرحت للبحث يوم 21 يوليو 2005 من خلال مقالة اشترك فيها كل من "روجر بيرسون" و"دومينيك بونسفورد" في صحيفة "بريس غازيت" البريطانية يعترضان فيها باسم الصحافيين البريطانيين على قرار المحكمة العليا الذي يحاول أن يفرض على المؤسسات الإعلامية والإخبارية تسليم أي صور أو مسودات أفلام تم التقاطها أثناء المظاهرات للشرطة. واعتبر الصحافيون أن مثل هذا الإجراء سيشكل خطورة على حياة المصورين والصحافيين.
وقد أجمع الاتحاد الوطني للصحافيين والمصورين الذين يقومون بتغطية المظاهرات على هذا الرأي باعتبار أن مثل هذا القرار سيجعل من الصحافيين والمصورين وكلاء للحكومة، وبذلك سيصبحون مستهدفين من قبل المتظاهرين.
رفضت كل من صحيفة "الغارديان"، وتلفزيون ITV، ومحطة ITN، و BBC، والصحف المتحدة، و"رويترز" قرار المحكمة بضرورة تسليم كل الصور والأفلام غير المظهرة ومسوداتها المتعلقة بالتظاهرات التي جرت في 15 سبتمبر 2004 في ميدان البرلمان. هذه الأدلة التي طلب تسليمها من قبل مفوضية شكاوى الشرطة IPCC تحت بند قانون الشرطة والأدلة الجنائية الصادر عام 1984 والذي يقوم بالتحقيق في ادعاءات حول تصرفات لرجال الشرطة يقال إنها اتسمت بالوحشية.
إقبال التميمي- أبوظبي