لاشك أن التليفزيون، بصفته أهم وسيلة إعلامية في الوقت الراهن، له أثر بالغ على تنشئة الأطفال، لكن ما ينذر بالخطر، أن بعض البرامج المتلفزة الموجهة إلى الأطفال في عالمنا العربي تفد إلينا من الغرب، ومن ثم تروج هذه البرامج لأطفالنا شخصيات "كرتونية" أو ضمن برامج الرسوم المتحركة، لاعلاقة لها بواقعنا العربي، ما يوجد حالة من الاغتراب الثقافي لدى أطفالنا، وهم في مراحل تنشئتهم الأولى، وتجعل أطفالنا أقل تعايشاً مع البيئة العربية التي يجب أن يتفاعلوا معها منذ نعومة أظفارهم.
وضمن هذا الإطار رأيت طفلي يتصرف منذ أيام بطريقة أصبحت تثير الخوف في نفسي جدياً على حياته! كان ابني الصغير ذي السبعة أعوام يحاول أن يمثل الطيران والقفز في الهواء متخذاً من يديه الصغيرتين ما يشبه جناح طائر يحوم في عنان السماء، ثم يردد بعض العبارات منها أنه "رامبو" أو "باتمان"، وبطبيعة الحال ذُهلت أمام ذلك التصرف، ثم زادت مخاوفي حين علمت من أمه أنه تفوه مراراً بنيته القفز من النافذة على غرار ما يفعله "رامبو" أو "باتمان" حين يقفز من طابق علوي في بناية شاهقة، فينساب متحركاً في الهواء ليتسلل عبر نافذة بيت آخر في إحدى ناطحات السحاب.
وكما تقض مضجعي تلك الرغبة والطيران لدى ابني، أعتقد أن آباء آخرين كثيرين تساورهم هواجس مماثلة. السبب الأساسي هو أن أطفالنا اليوم باتوا عرضة لمؤثرات متشابهة وبالغة الخطر أيضاً، ذلك أن الصناعة الإعلامية التي تعتمد على بيع الإثارة ونشر اللامعقول وتشييد المتخيّل وغير الواقعي، أصبحت تقدم شخوصها من عالم الأسطورة والخوارق التي تشد الأطفال وتدفعهم إلى محاولة تقليد الأبطال، مثل "رامبو" و"باتمان" في أفعال لا تقبلها قوانين الطبيعة ومنطق الواقع. وهكذا يصبحون مغتربين عن الواقع الاجتماعي والثقافي والبيئي، وعن معرفة حدد قدراتهم البدنية ذاتها، ومن ثم قد يغدون عرضة لهلاك محقق، لا سمح الله!.
خالد محمد- دبي