جاء مصرع النائب الأول لرئيس السودان العقيد جون قرنق، ليفرض متغيرا جديدا على الساحة السياسية السودانية، بكل ما فيها من تعقيدات واستعصاءات. فثائر الغابة الذي أثبت أنه صاحب النفوذ والتأثير الأقوى في قبائل الجنوب السوداني، بل وفي بعض النخب السودانية عامة، والعنصر المفضل لدى الدوائر الغربية التي تبنت مسألة الصراع في تلك البقعة الغنية من أفريقيا، لا يمكن أن يسد الفراغ الناجم عن غيابه أي من الزعامات أو القيادات المقربة منه سابقا، لذلك سيتعين على الجنوبيين إيجاد قيادة جديدة تحظى بتوافق عام. كما يتحتم على الجنوبيين والشماليين معا مواجهة العقبات التي بقيت عالقة حتى بعد تنصيب قرنق في التاسع من يوليو الماضي نائبا أول لرئيس الجمهورية، بما في ذلك تشكيل الحكومة الانتقالية، وإجازة خطط إعادة الإعمار في الجنوب، وإنهاء الخلاف الحدودي في بعض المناطق، وحل الخلاف حول حقوق التنقيب عن النفط والتي كان قرنق قد منحها لشركات أجنبية منذ بعض الوقت. هذا علاوة على "الشيطان" الذي يتوقع أن يخرج من كمونه لدى البدء في تطبيق اتفاقات "ماشاكوس" و"نيفاشا" و"نيروبي".
وإذا كانت "الحركة الشعبية لتحرير السودان"، وهي أكبر فصيل جنوبي، قد أظهرت قدرتها على اتباع أسلوب سلس في نقل القيادة من مؤسسها وقائدها الأول قرنق إلى أحد مساعديه وهو سيلفا كير، كما أبدت الخرطوم مرونة كبيرة وقبلت أيضا بنقل المنصب الذي كان يشغله قرنق (النائب الأول لرئيس الجمهورية) إلى خلفه في قيادة الحركة مباشرة ودون أي تعقيدات، فإن عليهما أن يتعاملا بالروح الإيجابية ذاتها مع تحديات الأيام القادمة، لا أن يكتفيا بما أطلقاه من تصريحات حول ضرورة التمسك بالمسار السلمي والمضي قدما في تطبيق اتفاقاته!.
الطيب عبد الإله- السعودية