استهل جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية عمله فعليا بقرارات حازمة بشأن التعاطي مع مخالفات المطاعم ومحلات الأغذية، وهذه خطوة إيجابية طال انتظارها للتعامل مع العديد من المخالفات الضارة بالصحة العامة، وهذه أيضا خطوة تبشر بأننا على أعتاب القطع بوجود "أمن صحي" يعيد الثقة والاطمئنان الذي فقد أو على الأقل تراجع بسبب تراخي الجهات المعنية في المتابعة الصحية على هذه المحال, ما أدى بالتبعية إلى تراجع معدلات الثقة في مستوى الرقابة وبروز قناعات تجعل من وعي الجمهور المتغير الرئيسي في متابعة أي مخالفات محتملة. ورغم التسليم بأهمية الوعي العام في الرقابة سواء كانت صحية أو سعرية، فإن من الصعب القطع أيضا بأن مستوى الوعي لدى الجمهور بمختلف شرائحه وفئاته بات من التميز والرقي بحيث يمكن الرهان عليه كمتغير رئيسي في الرقابة خصوصا الغذائية والصحية منها.
وبالتالي فإنه مع التسليم بأهمية وعي المستهلكين والرقابة الذاتية من جانب الجمهور وضرورة تعاونه الذي يسهم في إنجاح مهمة أي رقابة حكومية، خصوصا فيما يتصل بمجالات مثل الأسعار والمواصفات والشروط الصحية وغير ذلك من معاملات تتطلب متابعات مباشرة ومتواصلة ولصيقة وأعدادا كبيرة من المفتشين، فإن وجود جهاز رقابة غذائية نشط يضمن تفعيل آليات العمل الرقابي وتطويره والتنسيق مع الجهات والدوائر ذات الصلة، والاطلاع على أحدث النشرات والدراسات التي تصدر في مجال الأغذية، سواء في الدول المتقدمة أو التي تصدر من جانب المنظمات الدولية المتخصصة ومتابعة تنفيذها بالسوق المحلية أولا بأول, كي نضمن التخلص من اللغط والشكوك والشائعات التي تتداول كلما صدرت تحذيرات صحية في هذه الدولة أو تلك بشأن وجود عناصر أو مواد غذائية غير صحية متداولة في السلع التي تنتقل عبر سوق عالمية مفتوحة.
ولعل من أكثر الأمور إيجابية في هذا الإطار أن الجهاز الجديد يضع الأغذية الصحية للرياضيين والمكملات الغذائية ومستحضرات التجميل وغير ذلك تحت عين الرقابة للسيطرة على هذه السوق بالتنسيق مع هيئة الخدمات الصحية بأبوظبي، وما عرف عن الأخيرة من نشاط وما أثبتته من مقدرة واضحة على التحرك والتنظيم والتنسيق والسيطرة رغم قصر عمرها الزمني.
إن جهاز أبوظبي للرقابة الصحية يعد بحق أداة فاعلة لاستعادة ما يمكن وصفه اصطلاحا بالسيطرة الصحية على قطاع الأغذية الصحية، الذي تتخلله ثغرات وخروقات كثيرة نتمنى أن تختفي مع بدء نشاط الجهاز الجديد، وأن يسود النفوس الاطمئنان وأن تختفي مظاهر الفوضى ومحلات الأغذية متدنية المستوى التي استفلحت وانتشرت وتكاثرت كالفطر في شوارع عاصمتنا الجميلة، وبات مظهرها لا يتسق تماما مع ما حولها من مظاهر تقدم رغم وجود من يدافع عنها ويبرر وجودها في إطار اقتصادي بحت يتجاهل الشروط والمواصفات الصحية التي ينبغي الالتزام بها، والتي تدفع الدولة من سمعتها وصورتها النمطية فاتورة أي تقصير ناجم عنها أو إهمال فيها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية