493 متسللا تمكنت أجهزة وزارة الداخلية من ضبطهم خلال شهر يوليو الماضي فقط، وهذا الرقم لافت نسبيا مقارنة بالمعدلات المناظرة خلال فترات سابقة، ولكنه يوحي بيقظة الأجهزة المعنية واستشعارها خطورة ظاهرة التسلل. والمؤكد أن محاولات التسلل إلى دول مجلس التعاون بصفة عامة والإمارات بصفة خاصة ليست وليدة اليوم، بل هي ظاهرة تعود لسنوات مضت بسبب تنامي الجاذبية الاقتصادية وتوافر فرص العمل وارتفاع مستوى المعيشة بالدولة، وبالتالي فهي "هدف" واضح لمحاولات الهجرة غير الشرعية والمتسللين، شأنها في ذلك شأن جميع الدول المتقدمة التي تعاني من هذه الظواهر.
والمؤكد أن تعاون المواطنين والمقيمين مع الأجهزة الشرطية يلعب دورا بارزا في إنجاح الجهود الرامية إلى محاصرة ظاهرة التسلل وتحجيم خطرها، وهذا الأمر أكدته وزارة الداخلية حين أثنت على هذا التعاون المجتمعي، الذي نتمنى تعزيزه وتطويره بما يحقق مفهوم المسؤولية المشتركة للأمن ويعمق العلاقة بين الشرطة والجمهور، حيث يمكن لهذه العلاقة أن تحصن المجتمع ضد الآفات الإجرامية والظواهر السلبية.
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر، فمن الضروري الإشارة إلى خطورة صمت وزارة العمل على تنامي أرقام العمالة التي تعمل بصورة غير شرعية داخل البلاد، والتي قدرتها الوزارة مؤخرا بنحو سبعة وثلاثين ألف عامل يمارسون أعمالهم بصورة غير قانونية بعد انتهاء بطاقات عملهم منذ عام 1999. واللافت أن الوزارة تقول إنه "ربما" غادر بعضهم البلاد، ما يعني -بالطبع - أن هذه المغادرة لم تحدث. أي أن الرقم المعلن قابل للمساومة والتكهنات والزيادة والنقصان، مع أن المسألة أخطر بكثير من أن نتعاطى معها بهذه الطريقة كونها لا تتعلق فقط بتصاريح وبطاقات العمل، رغم أهميتها، ولكنها تمتلك أبعادا أخرى لا ينبغي التهاون فيها أو القفز عليها. فالمعلومات والبيانات الدقيقة وتعاون بقية الأجهزة والوزارات مع وزارة الداخلية تلعب دورا مهما في السيطرة الأمنية وفي تعزيز أي جهود تبذل في هذا الإطار بعد أن فرض مفهوم الأمن السياسي للسوق نفسه في السنوات الأخيرة على الدول، خصوصا تلك التي تتزايد فيها معدلات الاستعانة بالأيدي العاملة الأجنبية.
وإذا كان من الواجب أن نشد على أيدي القائمين على محاصرة ظاهرة التسلل، فمن الضروري أيضا مطالبة وزارة العمل بتدارك الأخطاء التي تسببت في تضخم ملف العمالة غير الشرعية، وفي غياب أي إحصاءات وبيانات دقيقة بشأنها رغم أن هذه الممارسات تستوجب معالجات دقيقة وحازمة وصارمة باستخدام الأدوات والآليات والقنوات كافة، بحيث تكون "الرسالة" واضحة وقوية سواء بالنسبة إلى المقيم غير الشرعي أو من يؤوي ويستفيد من وجود عمالة غير شرعية، فلا أحد على استعداد للتهاون في أمن وطن لم يبخل على أحد بل امتدت أياديه البيضاء بالخير والعطاء إلى الجميع على أرضه وفي مناطق مختلفة من العالم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية