قدّر تقريران اقتصاديان منفصلان مؤخرا حجم التحويلات المالية والاقتصادية للعمالة الوافدة في دولة الإمارات إلى خارج الدولة سنويا بمليارات الدراهم، وقد قدّر التقرير الأول الذي صدر عن الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية تلك التحويلات بـ 15% من حجم التحويلات المالية للعمالة الوافدة في دول الخليج والتي بلغت قيمتها 24 مليار دولار سنويا، أي أن نصيب دولة الإمارات في هذه التحويلات يقارب 4 مليارات دولار (نحو 15 مليار درهم سنويا) وجاءت الإمارات في المرتبة الثانية من حجم تلك التحويلات بعد السعودية. أما التقرير الثاني والذي صدر عن غرفة تجارة وصناعة أبوظبي، فقد قدّر حجم تلك التحويلات الرسمية منها وغير الرسمية من دولة الإمارات إلى الخارج بنحو 40 مليار درهم سنويا. وبغض النظر عن الاختلاف في الرقمين فإن هذه التحويلات، لا بدّ من أن تأخذ حيّزا من اهتمام القائمين على وضع ورسم الخطط والبرامج الاقتصادية والمالية في الدولة، لأن استمرار هذه التحويلات سيمثل مستقبلا عبئا كبيرا على اقتصاد الدولة، خاصة إذا لم يتم الأخذ بتحذيرات خبراء الاقتصاد بما يمكن أن تتركه هذه التحويلات من سلبيات على المدى البعيد.
وتثير الفعاليات الاقتصادية المحلية منها والدولية مخاوف من استمرار التحويلات المالية للعمالة الوافدة في الدولة لسببين: الأول يتعلق بتنامي حجم الأموال والسيولة التي تخرج من الدولة كل عام، فقد أوضح التقرير الخاص لغرفة تجارة وصناعة أبوظبي، ارتفاع تلك التحويلات من عام 1975 إلى عام 2004 بما يعادل عشرة أضعاف (1.5 مليار) وهو مؤشر يصعب تجاهله وينذر بآثار ومخاطر اقتصادية عديدة. أما السبب الثاني، أن هذه التحويلات هي استنزاف لحجم السيولة والأموال من الدولة إلى الخارج، وهو ما يعرف في أدبيات الاقتصاد بهروب الأموال إلى الخارج أو ما يمثل استنزافا لمدخرات الدولة من العملات، خاصة الأجنبية، وهو مؤشر اقتصادي غير جيد. ويزداد حجم القلق من هذه التحويلات، بالنظر إلى ما جاء في تفاصيل التقديرات بالتقرير الخاص بغرفة تجارة وصناعة أبوظبي، حيث تمثل نسبة 10% إلى أوروبا وبين 20% إلى 25% إلى الدول العربية وبين 40% و45% إلى دول شرق آسيا وشبه القارة الهندية، وهو ما يعني أن ازدياد حجم التحويلات سيستمر وأن إمكانية الاستفادة من تلك الأموال أمر مستبعد، لأن معظم العمالة الوافدة، خاصة الآسيوية تقوم بتحويل أموالها إلى دولها، وهي رغم ضعف رواتبها، فإن حجم العمالة وعددها الكبير الموجود في الدولة يضاعف من آثارها السلبية. وإذ يجمع الخبراء على تضرّر اقتصاد دولة الإمارات جرّاء هذه التحويلات الأجنبية، فإن من المفيد دراسة تجارب دول كثيرة سبق لها أن تبنّت إجراءات للاستفادة من أموال العمالة الأجنبية للحدّ من هذا النزيف الاقتصادي وللإبقاء على تلك الأموال في الداخل.
على العموم، فإن هذه التحويلات تعتبر جزءا من هدر فرص الاستثمار للاقتصاد المحلي لأن خروجها يعني بالمقابل عدم توظيفها في المشروعات الاستثمارية التي تنفّذ داخل الدولة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية