لفت نظري المقال الذي نشرته وجهات نظر يوم السبت 30-7-2005 للدكتور عبد الله جمعة الحاج، بعنوان يحمل سؤالا واضحا وهو: هل يمكن للبلاد العربية أن تستورد الإصلاح؟ وكان رده على هذا السؤال مقنعا، عندما قال: إن قضية الإصلاح السياسي في الدول العربية قضية داخلية محضة لا تستطيع تحقيقها والوفاء بالتزاماتها سوى شعوب وحكومات دول المنطقة. أنا أتفق مع هذا الكلام، رغم أن الشعوب مغلوب على أمرها، ولكن المشكلة عويصة جداً وأعمق بكثير من أن ننظر إليها كعملية إصلاح سياسي هرمي فقط. الشرق العربي الغارق حتى قمة رأسه في أمجاد يا عرب أمجاد، ومن استعباد إلى استبداد، وتحويل الهزيمة الظاهرة إلى نكسة عابرة، وخسارة المعارك والحروب وتحويلها إلى انتصار تافه بالمقلوب.
الشرق العربي هذا لن ينفعه عملية إصلاح سياسي تنهار على رؤوس أبنائه، عند أول هبة ريح، بل نحن بحاجة إلى نهضة اجتماعية فكرية ثقافية تجديدية نقدية، لا تجامل ولا ترحم، وتعيد للعقل العربي صفاءه الخلاق.
ولهذا فلكي ننجح في مواجهة حاضرنا المتخلف وبناء مستقبل لأطفالنا يجب أن ننتقد تاريخنا وتراثنا وحتى ديننا ونضع النقاط على الحروف دون خوف. ولماذا نخاف؟ وممَ نخاف؟ فالدين جاء من أجل الإنسان وسعادته وليس العكس. ورجل الدين يجب أن يقنع الناس ولا يسيطر عليهم كما يحصل في إيران. ومن السهل تجهيل الناس أما تنويرهم فبحاجة إلى عقول أفذاذ وأجيال من البناء الشاق. ومن لا يتقبل النقد بروح إيجابية فلن يكون صالحا للحياة، ولن يقبل الإصلاح. فمن هنا لن تفيدنا زيارات الوزيرة كوندوليزا رايس ومحاضراتها، بل سيفيدنا كتاب أفذاذ أصحاب كلمة حرة ومفكرون شجعان، عندهم شرب السم، وأكل العلقم، أهون من التراجع عن مبادئهم.
سعيد علم الدين-برلين