من يجب أن يتحمل اليوم عبء الدفاع عن الإسلام والمسلمين سوى علمائهم ودعاتهم؟ كيف يشهد العلماء والدعاة ما يحدث للإسلام والمسلمين ويديرون ظهورهم له؟ كيف يتركون فئة ضالة ومضللة تعمل تحت ستار الادعاء بانتمائهم إلى الإسلام وهو براء منهم؟ كيف يصمتون وهم يرون الدماء البريئة تراق وأمن واستقرار الآمنين يتزعزع والرعب ينتشر والحرث يباد؟ إلى متى سيظل علماء ودعاة الأمة الإسلامية في أبراجهم العاجية وكأنهم يعيشون على كوكب آخر غير كوكب الأرض؟ الى من يلوذ الإسلام والمسلمون للوقوف على حقيقة ما يحدث؟ على من نلقي باللائمة للاتهامات والإهانات التي تكال للإسلام والمسلمين؟.
أسئلة كثيرة تختلج في صدر كل مسلم صحيح الإسلام قبل أن يفكر فيها الآخرون، وتجيش بها نفسه أمام ما يحدث حوله للمسلمين وما يقوم به الملاعين الذين يتمسحون بالإسلام لغايات شيطانية لا يعلمها إلا الله، أقلها تشويه الإسلام والمسلمين. ضاع المسلمون بين رحى الشياطين والملاعين، وصمت العلماء والدعاة، وجبروت الإرهابيين، وهيمنة أولئك الذين استغلوا الفرصة وجعلوا من الإسلام والمسلمين عدوهم اللدود.
لماذا يصمت العلماء والدعاة أمام المحاكم التي ينصبها الملاعين ويحكمون بها على المسلمين بالردة والجاهلية؟ وأين علماء المسلمين من قتل المدنيين وترويع المسلمين وأهل الذمة تحت دعاوى قتال المحتل؟ وما هو مفهوم الجهاد الحق في الإسلام؟ وما حكم الإسلام في الانتحاريين؟ لماذا تنصل العلماء من نصح شباب الأمة وتركوهم عرضة للأفكار المتطرفة؟
يا علماء المسلمين ودعاتهم اتحدوا في وجه الدمار الذي يحيق بالإسلام وأهله، فلا مفر من المواجهة بكلمة حق ونصيحة مخلصة وفتوى شرعية تحدد حقيقة الإسلام تبغون بها وجه الله ولا تخشون بها أحداً. لقد طال انتظاري لأرى مؤتمراً أو منتدى يتجمع فيه علماء المسلمين ودعاتهم من المذاهب جميعها والمشارب كلها، ومن الدول الإسلامية شرقها وغربها، وجنوبها وشمالها، ليكونوا على قلب رجل واحد، ويعلنوا فتاويهم الواضحة التي لا لبس فيها ولا تحتمل أي تأويل حول موقف الإسلام الحقيقي من القضايا المثارة حالياً كلها، بعد أن أضحت الكلمة العليا للملاعين والشياطين والإرهابيين الذين عاثوا في الأرض فساداً وطبقوا شريعة الغاب الشيطانية وربطوها بالإسلام، وأتاحوا الفرصة لأعداء الإسلام لاستغلال ذلك في محاربة هذا الدين القيم.
يجب أن يعرف علماء المسلمين ودعاتهم أن غياب الإجماع بينهم وتضارب مواقفهم وفتاويهم وعدم حسم القضايا المثارة تجاه ما يحدث للإسلام والمسلمين سيكون له تداعيات وعواقب شديدة الوطأة أقلها تقويض فتاويهم وتراجع مصداقيتهم. ومن أهم العواقب المترتبة على غياب إجماع واضح بين علماء المسلمين ودعاتهم نجد:
- نجاح الملاعين في تجنيد وضم عناصر جديدة تحت زعم الجهاد والتضحية في سبيل الله.
- استمرار الشياطين في الاعتماد على فتاوى المتطرفين في قتل الأبرياء وترويع الآمنين.
- انفراد فكر إخوان الملاعين في السيطرة على الأحداث.
- استمرار مسلسل المذابح للأبرياء، وانتشار العمليات الإرهابية.
- انقسام المسلمين حول ما يحدث، فمنهم من يتعاطف معها لأنه يراها صورة المقاومة التي يملكها الضعيف أمام الآلة العسكرية الجبارة، ومنهم من يرفضها لأنه يراها مخالفة للدين والعقيدة.
- تشوش المسلمين، خاصة الشباب منهم، في الخلط بين مفاهيم الجهاد والمقاومة والإرهاب.
- وصم الإسلام بأنه دين يحث على العنف والتطرف والإرهاب وزهق الأرواح، ومن ثم أصبح الإرهاب صفة لصيقة بالمسلم.
- انهيار قيم التسامح والوسطية والرحمة التي قام عليها الدين الإسلامي.
- تعرض المسلمين في الدول الأجنبية إلى الاضطهاد والعنف.
- تفسير معظم المسلمين صمت بعض العلماء والمشايخ والدعاة إزاء ما يحدث بأنهم راضون عنه، وأنه أمر مقبول شرعاً، لذا فعلى المسلمين تأييد ما يحدث والدفاع عنه.
- انتشار الفكر التكفيري في المجتمعات الإسلامية.
- النظر إلى الفتاوى المتفرقة والمتضاربة التي يطلقها عدد من العلماء ودعاة المسلمين من آن لآخر، على أنها تصدر لإرضاء الأنظمة الحاكمة، أو من أجل جذب أضواء القنوات الفضائية.
- تركيز وسائل الإعلام على إظهار الأحداث ومواقف الشياطين والملاعين دون وجود أي دور للعلماء والدعاة لتفنيد ما جرى ودحضه في ظل شعور عام سائد بعدم إحراجهم.
- صعوبة مكافحة الفكر المتطرف والحد من العمليات الإرهابية.
أي أنه في الوقت الذي كان الإسلام في أشد الحاجة إلى كلمة موحدة من علمائه ودعاته لمواجهة الضلال، ظهرت الفردية والفرقة، بل إن بعضهم يقول في نفسه "طنش تعش تنتعش".
يا علماء ودعاة المسلمين اتحدوا، نداء نوجهه إلى كل غيور على هذا الدين، من أجل توحيد الصف وإصدار فتاوى واضحة وحاسمة تتناول عدداً من القضايا الشديدة الإلحاح، للمسلم قبل غيره، من أهمها:
- حكم الشريعة الإسلامية في قتل الأطفال وإراقة دماء المدنيين دون ذنب أو جريرة، رغم أن الله حرم قتل النفس إلا