ها هو الإرهاب عاد مجدداً ليضرب في قلب الأمة العربية ويفتك بأرواح الأبرياء والآمنين من الناس. الإرهاب ضرب هذه المرة أرض الكنانة، مصر العزيزة على قلوب الجميع. العالم يعيش في حيرة من أمر هؤلاء البشر، فما الذي يريده هؤلاء الموتورون؟ ما هو مرادهم ومقصدهم من كل هذه الأحداث المؤسفة والدنيئة التي يرتكبونها كل يوم بحق أبرياء لا ذنب لهم؟ هؤلاء المجرمون لا يحلو لهم أن يروا البسمة والفرحة تعلو وجوه البشر، فيأبوا إلا أن يحولوها نكداً وهماً وحزناً. فإذا كان هؤلاء يعيشون في كهوف الظلام والجهل والتخلف، فما هو ذنب من يعيش في نور العلم والمعرفة والحضارة والمدنية الحديثة؟ إن المنطق والعقل السوي مغيب تماماً عن مدارك ومفاهيم وأذهان هؤلاء المجرمين، فعقولهم، بكل تأكيد، تعيش في حالة تخمر شديد وفي سبات عميق. وضمائرهم بعد أن ماتت أصبحت لا تفرق بين الخير والشر، وبالتالي غاب عنهم الرادع الذي يردعهم عن جرائمهم الخسيسة هذه، فهم قتلة، قلوبهم مليئة بالحقد والكراهية والغل الدفين لكل الناس، قاتلهم الله أينما وجدوا وأينما حلوا.
لقد أصبح الإرهاب، وكما نراه اليوم لا يقف عند حد معين أو زاوية معينة أو بلد معين، بل إنه شر مستطير انتشر في المجتمعات الآمنة، كما ينتشر المرض الخبيث في الجسم السليم. فلمصلحة من كل هذا العبث والاستهتار بأرواح الناس؟ وما هي الفائدة التي سيجنيها هؤلاء القتلة من كل هذا الذي يجري على الساحة العالمية سوى المزيد من ترويع الآمنين وإزهاق أرواح البشر دون ذنب أو خطأ اقترفوه. وللأسف، وبعد كل جريمة تُرتكب يتبجح هؤلاء المجرمون باسم الإسلام، وهذا الدين منهم بريء تماماً. الإسلام لم يكن في يوم من الأيام دين إرهاب وتعذيب وتنكيل بالناس وترويع بحق عباد الله. ولم يكن في يوم من الأيام مطية يركبها هؤلاء الشرذمة من البشر ليدعو بأنهم يقاتلون باسم الإسلام، ولم يكن مطلقاً سيفاً مسلطاً على رقاب الناس منذ نزوله على الرسول الأمين منذ أربعة عشر قرناً من الزمن. الإسلام دعوة للأمن والسلام والتراحم والمودة بين الناس جميعاً، فهو دين السماحة والأخلاق النبيلة التي غفل عنها الغافلون من أمثال هؤلاء المجرمين.
منهجية الإسلام في التعامل مع الناس هي من باب "ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك"، ودعوته دائماً وأبداً هي "وجادلهم بالتي هي أحسن"، وليس هناك إنسان رشيد عاقل يمكن أن يصدق بأن الجرائم المتوالية التي تُرتكب كل يوم بأنها من تعاليم ومنهج الإسلام. إنها تصرفات حمقاء كأصحابها تماماً لا تصدر إلا من أناس مجانين قد استهوتهم وغلبت عليهم روائح الجثث والأشلاء المتفحمة وسيطرت على مداركهم هواجس حب الانتقام من كل الناس من خلق الله، وأصبح مبدأ القتل والدمار والبكاء والعويل هي من الطقوس المحببة عندهم. فقط نسأل الله السلامة من أمثال هؤلاء المجرمين.
حمدان محمد - كلباء