قبل أسبوع مضى, نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالاً للكاتبة منى الطحاوي تحت عنوان "أسئلة صعبة تواجه المسلمين" بدأتها بجملة مثيرة, لافتة للانتباه: "لقد قالت عني تفجيرات لندن ما كنت أود قوله. فقد تحدثت تلك التفجيرات بالنيابة عن ملايين المسلمين والعرب". ومن جانبي أقول: "نحن نريد من علمائنا المسلمين أن يكفوا عن الاختباء ودفن الرؤوس في الرمال. فقد بات عليهم أن يشرعوا في الإجابة على هذه الأسئلة الصعبة. لقد سئمنا جميعاً هذا التمييز الزائف المنافق بين العمليات الانتحارية, التي استهدفت كلاً من لندن وأميركا, وتلك التي نفذت في شرم الشيخ, أو تلك التي استهدفت الرياض, أو الذين ينفذون عمليات القتل ضد اليهود. لقد سئمنا وتجرعنا ما يكفي, مرارة هذا المنطق العقيم. ذلك أن القتل واحد, وإن تعددت الأسباب والطرق والدوافع. ومما يؤسف له أننا لم نسمع علماءنا المسلمين, وهم يجهرون برأيهم صراحة ودون تلجلج في هذا الموضوع. وها قد حانت الفرصة للجهر برأي كهذا, أو إن عليهم الكف عن الدعوة والوعظ".
وكنت قد تابعت من مكتبي بالطابق رقم 54 بمدينة نيويورك, التفجيرات التي تعرض لها برجا مركز التجارة العالمي, بحكم كوني كنت أعمل وقتها, على بعد نحو كيلومتر واحد فحسب من المركز. وقد تحدثت عني تلك التفجيرات في صباح ذلك اليوم الحادي عشر من سبتمبر 2001. ومنذ ذلك التاريخ, ظللت أشاهد صور مئات الأشخاص الذين يذبحون أو يلقون حتفهم, على يد ما يسمى بالجماعات الإسلامية الأصولية, في كل من أوروبا وآسيا, وروسيا والعالم الإسلامي, بما فيه مكة المكرمة.
والأكثر إثارة للدهشة في كل هذه الحوادث المروعة, التفسيرات التي تقدم لهذه المذابح وجرائم القتل. وتتلخص هذه التفسيرات في التالي: لا غبار في قتل اليهود والمسيحيين. كما ليس ثمة غضاضة في قتل المسلمين الشيعة أيضاً. أما قتل المسلمين – خاصة العصاة منهم أو حتى العلمانيين- ففيه إثم عظيم! وسؤالي أين هم العلماء كي يقولوا لنا إن القتل واحد, وإنه لإثم عظيم, سواء ارتكب بحق المسلمين أم اليهود أم المسيحيين أم غيرهم؟ إننا بحاجة إلى إجابات واضحة وقاطعة كحد السيف.
ودعني أثير هنا بعض الأسئلة والإجابات التي أراها. فمن رأيي أن هذه الأسئلة والإجابات معاً, سوف تتمحور حول جماعة واحدة رئيسية هي جماعة "الإخوان المسلمون" بمصر, التي أراها منبع كل العنف الإسلامي وشر البلاء. فلماذا جماعة "الإخوان المسلمون"؟ والإجابة لكونها الحزب الديني الأقوى والأكثر تنظيماً عسكرياً, ولكونها تتطلع إلى وراثة الحكم في مصر, كبرى الدول العربية في العالم قاطبة. والأهم من ذلك كله وقبله, أنها ومنذ تأسيسها قبل نحو 40 سنة خلت, شرعت تدعو "لاستخدام الإسلام" من أجل الوصول إلى السلطة والإمساك بها. تلك هي الوصفة الدينية السياسية, التي ألهمت غيرها من الجماعات الإسلامية الأخرى, بما فيها المتشددون الدينيون في طهران, وحركة الجهاد الإسلامي, والجماعة الإسلامية, وكذلك تنظيم القاعدة... وغيرها كثير من الحركات والجماعات الإسلامية المتطرفة.
وعليه دعنا نسأل سؤالاً واحداً: ما هي السياسة التي تنتهجها جماعة "الإخوان المسلمون" حيال ما يتراوح بين 8-10 ملايين مسيحي مصري, هم من أعرق المواطنين المصريين, وظلوا يقطنون مصر حتى قبل الفتح الإسلامي لمصر, وتعود جذورهم إلى عصور الفراعنة؟ علماً بأن المسيحيين المصريين, يعدون الأقلية الأكبر على الإطلاق, على مستوى العالم العربي كله. ليس ذلك فحسب, بل تعد هذه الأقلية, رمزاً لـ"التسامح مع الآخر". وبعد, فإن علينا أن نثير الأسئلة التالية, في إطار السياسات التي تنتهجها نحوهم جماعة "الإخوان المسلمون": هل تعيش هذه الأقلية أم تموت؟ وهل ينبغي لأفرادها التمتع بحقوق متساوية مع غيرهم من المواطنين المصريين؟ وهل يبقون في ديارهم أم يتم نفيهم وترحيلهم؟ ولعل الإجابة الأفضل على جميع هذه الأسئلة هي ما ورد على لسان قادة تنظيم "الإخوان المسلمون" أنفسهم.
ففي لقاء صحفي مشهور, أجرته معه "الأهرام الأسبوعية" قبل بضع سنوات, قال مصطفى مشهور, مرشد الجماعة الإسلامية هناك, إن الأقباط – وهم سكان مصر الأصليون- يعتبرون ضيوفاً على البلاد. ولذلك فإن عليهم دفع الجزية. كما يحرم على أبنائهم الالتحاق بالخدمة العسكرية, إلى جانب حرمانهم من تولي أي مناصب قيادية في جهاز الدولة. هذا وقد أثارت تلك التصريحات, عاصفة من الاحتجاجات داخل مصر وخارجها على حد سواء. ولدى مواجهته بشريط سجلت عليه تصريحاته كما وردت على لسانه, تراجع مرشد "الإخوان المسلمون" نوعاً ما, إلا أنه لم يعتذر عن أي من تلك التصريحات, ولم يغير موقفه إزاءها. وفي التصريحات المذكورة وحدها, ما يؤكد أكذوبة كل ما تروج له حركة الإخوان المسلمين, عن قبول للآخر, وانفتاح ونهج ديمقراطي ... إلى آخره.
على صعيد آخر, صرح قبل بضعة أسابيع فحسب, محمد مهدي عاكف – القائد الأعلى الحالي لجماعة "الإخوان المسلمون"- خلال لقاء صحفي أجرته معه صحيفة "المصري اليوم" بأن الأقباط يعتب